كتب طوني عيسى في” الجمهورية”: يعتبر الرئيس ميشال عون أنه تعرَّض خلال السنوات الست الفائتة من عهده لعملية إحباط ممنهجة على كل المستويات، وقد بلغت ذروتها بانفجار الأزمة المالية النقدية في العام 2019. وهو يرى أن هناك جهات داخلية لعبت دوراً في عملية الإحباط، كما أن الأزمات الدولية والإقليمية خلقت جوّاً مناسباً لذلك.
ويريد عون أن تتحقق إنجازات معينة في آخر عهده، تصحّح صورة العهد وتعوِّض الفشل. كما يريد من هذه الإنجازات أن تؤسس لعهد جديد ناجح ومريح، إذا ما تحقّق الهدف بوصول رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل إلى السلطة. ولذلك يتمسك عون بأمرين:
1 – عدم إخلاء موقع الرئاسة تحت أي ظرف، ما لم يراعِ روح الدستور ومقام الرئاسة لجهة عدم تسليم الموقع لحكومة تصريف أعمال، وما لم يراعِ أيضاً تمثيل المكوّن المسيحي في شكل صحيح. وهذا يعني، عملياً، التمسك ببقاء الرئاسة في أيدي فريقه السياسي، لأنه المسيحي الأقوى داخل فريق السلطة.
2 – استعجال التسويات التي من شأنها أن تخدم تحقيق هذه الأهداف، وأبرزها الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية ما يتيح بدء الاستفادة من الثروة الغازية، والاتفاق مع صندوق النقد الدولي. فأي عهد جديد ينطلق من هذين الإنجازين سيُكتَب له النجاح.
إذا غادر عون قصر بعبدا، والعهد غارق في الكوارث، فسيكون ذلك ضربة له ولفريقه السياسي، وسيستغلها الخصوم لتعميق خسارته وإضعافه سياسياً. ولذلك، هو يعمل لتجنب هذا السيناريو بأي ثمن.
ثمة من يقول إن الإنجاز الوحيد الممكن تحقيقه واقعياً، في الأشهر القليلة المقبلة، هو ترسيم الحدود وتقاسم الغاز، لأن أرباحه مضمونة ووفيرة، ولأن فريق السلطة يستطيع التحكم به وبمردوداته من دون قيود خارجية. وهو يرضي القوى الدولية والإقليمية في آن معاً
وأما الإنجاز الآخر المفترض، أي توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي، فتعمل قوى السلطة على تأخيره قصداً، قدر الإمكان، لأن مردوداته المالية تلقى أدنى بكثير من موارد الغاز، ولأن هذه القوى ليست مستعدة للتجاوب مع الشروط القاسية التي يضعها الصندوق، لا سيما لجهة الإصلاحات الإدارية والاقتصادية والسياسية.