نشرت وسائل اعلام اسرائيلية قبل مدة معلومات عن ردود ارسلها “حزب الله” على رسائل اسرائيلية وصلت إليه، حيث أبلغ الحزب المعنيين ان كل التطورات التي حصلت سابقا، مثل حرب غزة او الحديث عن ايقاف الاستخراج من حقل كاريش او الطلب الاسرائيلي بتأجيل الاتفاق الى ما بعد الانتخابات، لن يغير اي شيء في قرار الحزب، وهذا ما سبق ان ذكره “لبنان ٢٤”. يقول الحزب ان المعادلة التي اطلقها بكل تفاصيلها لا تزال قائمة ولا تغييرات حقيقية فيها، الا في حال استمر الجو الايجابي الذي بدأ يتعمم وتم التوصل الى اتفاق في وقت قريب.
بحسب ما نشره الاعلام الاسرائيلي فإن اقصى موعد يمكن ان يصل اليه الحزب هو منتصف ايلول وبعد ذلك سيبدأ العمل الميداني العسكري ضد المنصات الاسرائيلية المخصصة باستخراج الغاز على كامل الشاطئ الفلسطيني. اذا فإن الايام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار الامور.
عدة احتمالات ممكنة في هذا الملف، اولها قبول اسرائيل الواضح والعلني بالشروط اللبنانية التي من الصعب على الجانب اللبناني الرسمي التنازل فيها اكثر، وعليه تبلغ تل ابيب الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين موافقتها على الشروط اللبنانية على ان يتم الاتفاق والترسيم قبل الانتخابات الاسرائيلية وليس بعدها وقبل بدء تل ابيب بالاستخراج، كما تعطي واشنطن تعهدا مكتوبا بالسماح للشركات الاجنبية بالتنقيب واستخراج الغاز من لبنان.
احتمالات الذهاب بإتجاه هذا المسار عالية جدا، بالرغم من ان تل ابيب تجد صعوبة في قبول التنازل بعد تهديدات “حزب الله” لان الامر سيمس بشكل حاسم بالردع القائم بين الطرفين ، حيث ستظهر اسرائيل غير قادرة على المغامرة، ليس بإتجاه الحرب فحسب بل بإتجاه اي تصعيد امني، وهذا ما سيعطي الحزب حرية أوسع في العمل خلال المرحلة المقبلة. مع ذلك تبقى احتمالات حصول اتفاق عالية مقارنة بأي احتمال اكبر بسبب الرغبة الاميركية بالتسوية وعدم التصعيد والحاجة الاوروبية السريعة للغاز الاسرائيلي.
يقول بعض المتابعين ان ما سرب من داخل لبنان عن ردود سلبية اسرائيلية ليس بعيدا عن الصحة، لكن الاميركيين يرفضون تسويق مثل هذا الجو ويسعون الى اقناع تل ابيب بالتنازل والقبول بالشروط اللبنانية. في حال كان هناك نية للتسوية فإن الامور لن تنتظر الى منتصف ايلول خصوصا ان تل ابيب ستسعى للاستفادة من كل لحظة لاستخراج الغاز وعليه فإن الايام الاخيرة من شهر اب قد تشهد اتمام الاتفاق وتوقيعه.
اما السيناريو الثاني فهو استمرار الكباش السياسي والدبلوماسي الى ما بعد بداية ايلول ما يعني ذهاب “حزب الله” بإتجاه خطوات عسكرية مرتبطة حصرا بملف الاستخراج ما سيؤدي الى رد اسرائيلي ورد على الرد من جانب الحزب، ومن ثم الذهاب بإتجاه معركة قصيرة او معركة بين الحروب. هذا السيناريو تفضله تل ابيب بشكل كبير في حال استطاعت ضمان حصوله.
لا تستطيع اسرائيل حسم ما اذا كان “حزب الله” يقبل بالذهاب نحو ايام قتالية، اذ ومن وجهة نظر اسرائيلية فإن الايام القتالية تسمح لها بتوجيه ضربات جوية لمراكز قوة جدية في الحزب، وما لا تستطيع استهدافه في فترات السلم ستستهدفه خلال ايام المعركة، لذلك ستسعى الى استهداف ما تعتقد انه مخازن للصواريخ الدقيقة او مصانع هذه الصواريخ او مصانع الطائرات المسيّرة ما يعيد الحزب سنوات الى الوراء.
تستفيد تل ابيب من تفوقها الناري ومن انها تستطيع، نظريا، توجيه ضربات اكثر ايلاما للحزب في الساعات والايام القليلة الاولى من تلك التي يستطيع الحزب توجيهها لها في نفس هذه الفترة. لكن معضلة هذا السيناريو ان الحزب لن يقبل به، بل يفضل الذهاب نحو حرب مفتوحة وان فكرة الايام القتالية غير موجودة في قاموسه وان وقف اطلاق لن يكون متاحا متى ارادت اسرائيل ذلك.
المسار الاخير هو الحرب الفتوحة والتي لا يمكن توقع كيفية تطورها، خصوصا ان تل ابيب قد تخسر في الضربة الاولى عدة منصات لاستخراج الغاز التي ستتعطل لعدة اشهر او سنوات وهذا سيؤثر بشكل جدي على الواقع الاقتصادي داخل الكيان وسيؤثر حتما على التسوية مع لبنان، لان تل ابيب لن تكون عندها مستعجلة على اي تسوية باعتبارها غير قادرة على الاستخراج خلال مرحلة زمنية معينة.