يصرّ رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل وعدد ممن يأتمرون بأوامره، ويرّكبون “دينة الجرّة حيثما يريد الفاخوري”، على إلباس رئيس الجمهورية ثوبًا لا يريد أن يلبسه في آخر ايام عهده.
فالرئيس ميشال عون يتعمدّ أن يكرّر أمام زوّاره أنه لن يبقى دقيقة واحدة في قصر بعبدا بعد منتصف ليل 31 تشرين الأول -1 تشرين الثاني، وأنه ينتظر على أحرّ من الجمر تلك الساعة التي سينزل فيها عن صليب هذه المسؤولية، والتي يرى أنها أكلت الكثير من رصيده السياسي، وهو الذي كان يريد أن يدخل التاريخ من بابه الواسع بإنجازات تُكتب بأحرف من ذهب، وليس بإخفاقات يندى لها الجبين.
وفي ما يوصف بـ”كلام كرسي الإعتراف”، أسرّ الرئيس عون لأحد زواره الأصدقاء القدامى أن أمور البلد، وإن كانت شديدة الصعوبة، ستأخذ طريقها إلى التحسّن التدريجي مع بداية العهد الجديد في حال تمّ إنتخاب رئيس جديد من دون تعقيدات، وذلك نكاية بميشال عون لأنه تجاسر ورفض السير بما أريد للبنان السير به يوم عُرض عليه توطين الفلسطينيين في لبنان من ضمن “صفقة القرن”، ولأنه دعم “المقاومة” وأعلن تأييده لما تقوم به ضد العدو الإسرائيلي من على منبر الأمم المتحدة كما سبق أن فعل الرئيس سليمان فرنجية عندما دافع عن المقاومة الفلسطينية من على المنبر ذاته.
الرجل تحمّل الكثير، وحُمّل الكثير من الأوزار. يريد أن يرتاح. كفاه وجع رأس وهموم. ولكن “نائب البلاط” والذين يدورون في فلكه يريدون أن يقوّلوا الرئيس ما لا يريد قوله، ويريدونه أن يُقدم على ما لا يريد الإقدام عليه. فهو يقول أنه “ملتزم النصوص الدستورية في ما خص موعد انتهاء ولايته”. وهذا ما نقل عنه حرفيًا وكما سمعه منه بالمباشر زواره، الذين زاروه في اليومين الماضيين.
أمّا الآخرون فيخطّطون لإبقاء الرجل في القصر في حال لم يتم إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفي حال لم تُشكّل حكومة كاملة المواصفات، التي ستناط بها صلاحيات رئيس لجمهورية في حال خلت سدّة الرئاسة لأي علة كان. حجّة هؤلاء أن الرئيس عون الحريص على السلم الأهلي وعلى الإستقرار العام وعدم السماح بدخول البلاد في محظور الفراغ، الذي سيكون قاتلًا هذه المرة، سيبقى في موقعه الطبيعي حتى يتسنى لنواب الأمة إنتخاب خلف له.
وعلى رغم محاولات إقناع بعض حسني النية إقناع أنفسهم بأن الرئيس عون “بريء” مما يُحضّر له من مفاجآت دستورية تخرج من أكمام “جيش المستشارين”، فإن البيان الذي صدر عن المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري، والذي تنصّل الجميع من كتابته أو الإيحاء به، كشف لحسني النية هؤلاء أن بصمات رئيس الجمهورية ظاهرة بوضوح من خلال بيان الرد على البيان الصادر عن مكتب الرئيس المكّلف تشكيل الحكومة، الأمر الذي دفع بهؤلاء الذين كانوا يعتقدون بـ”خبرية” إمرأة قيصرإلى الإعتقاد بأن ما يُحضّر من تحركات داعمة لرئيس الجمهورية في باحات “بيت الشعب” ستعيد لبنان عشرات السنين إلى الوراء، وهي سنوات يتمنّى جميع اللبنانيين غير المنتمين إلى “التيار العوني” “أن تنذكر وما تنعاد”.
