كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”:
لم يكن فريق الغواصة الهندية التي عثرت على مركب الموت في بحر طرابلس في غضون يومين، يتوقع ان يكون هناك شبه استحالة في انتشال جثث أو رفات الضحايا الذين غرقوا، وذلك بسبب التحلل الكامل لهذه الجثث.
فقد فوجئ فريق الغواصة لدى تصوير المركب المنكوب المستقر في قاع البحر على عمق 457 مترا بوجود جثة خارج المركب ولدى محاولة تحريكها بفعل بالونات النفخ لانتشالها تحولت سريعا الى ما يشبه الرماد بفعل تحللها بالكامل حيث لم يتبق منها سوى الثياب التي كانت عليها، اما الهيكل فتناثر في المياه واندثر بالكامل.
وأظهرت الصور التي يحتفظ بها فريق الغواصة عن المركب وجود عدد من الجثث المماثلة عند باب الغرفة الملحقة به والتي يوجد بداخلها المزيد من هذه الجثث التي لم تظهرها الصور خصوصا ان عدد الضحايا الذين كانوا في هذه الغرفة هو أكثر من ثلاثين اكثرهم من النساء والاطفال.
امام هذا الواقع تريث فريق الغواصة في القيام بأي عمل تجاه المركب خوفا من تحول الجثث التي بداخله الى ما يشبه الرماد على غرار الجثة التي جرى تحريكها وتوزعت جزيئاتها في المياه.
والامر نفسه ينسحب على المركب الذي يخشى الفريق التقني من ان يؤدي تحريكه من خلال بالونات الهواء، وهو أمر صعب جدا على الغواصة بسبب الرمال التي استقرت فيه، الى تفككه بالكامل، علما ان الصور الاولية التي بثتها الغواصة اظهرت انه يستقر على قاعدته كاملا ولم يتحطم كما سبق وأشيع عند غرقه.لذلك، قد يلجأ المعنيون بانتشال المركب الى الشرع الاسلامي من خلال عرض هذه القضية الانسانية على مفتي طرابلس الشيخ محمد إمام لمعرفة ما اذا كان يجوز التسبب باندثار الجثث كاملة وذهاب جزيئاتها في البحر ام أن يصار الى ترك الامور على حالها، خصوصا ان ما حلّ بالجثة التي عثر عليها يؤكد بما لا يدعو للشك انه في حال تحريك المركب او انتشاله لن يتبقى أي شي من هذه الجثث وسوف تتحلل باللحم والعظم في مياه البحر نتيجة بقائها على عمق 500 متر في المياه المالحة ولمدة أربعة أشهر.
وفي هذا الاطار، يؤكد النائب اللواء أشرف ريفي ان “اللجوء الى الفتوى الشرعية امر ضروري لمعرفة كيفية التعامل مع هذه الحالة النادرة”، مشيرا الى أننا “سعينا بكل ما اوتينا من جهد وامكانات لكي تبلسم جراح اهلنا بانتشال شهدائهم من البحر لدفنهم، لكن الواقع الذي ظهر والجثة التي تحولت بمجرد تحريكها الى ما يشبه الرماد الذي اختلط بمياه البحر واختفت بالكامل، ادى الى تعقيد المهمة، خصوصا اننا وإن قمنا بسحب المركب الذي قد يتفكك أيضا فإن الجثث لن يتبقى منها شيئ”.
واكد ريفي اننا “لن ندخر جهدا في سبيل الوصول الى حل يتوافق مع الشرع الاسلامي ويثلج صدور اهلنا”، لافتا الى ان “الدراسات مستمرة بين قيادة الجيش وفريق الغواصة بانتظار الفتوى الشرعية التي ستحدد آلية التعامل مع المركب، فإما ان نحاول انتشاله مهما كانت النتائج او يترك في قعر البحر طالما ان انتشاله لن يؤدي الى اخراج أي من الرفات لدفنها”.
ومن المنتظر ان يكون للغواصة الهندية جولة رابعة في اعماق البحر يوم الاثنين المقبل لبث المزيد من الصور عن المركب وعن الجثث بانتظار القرار النهائي حول انتشالهم من عدمه!..