“الكابيتال كونترول” إلى تأجيل جديد اليوم.. والحكومة منفتحة على اقتراحات وتعديلات

30 أغسطس 2022


من المسلم به أن أي قانون ل”الكابيتال كونترول” يفترض أن يهدف إلى حماية ودائع المواطنين وعدم التفريط بالأموال الموجودة وخاصة من النقد الأجنبي عبر تقييد تحويلها إلى خارج البلاد إلا بظروف محددة ولأسباب مبينة بشكل واضح.

ومن المسلم به ايضا أن هذا القانون يعتبر من الإجراءات المطلوبة للوصول إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي. اليوم تجتمع اللجان المشتركة بدعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، لمتابعة درس مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 9014 الرامي إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية.لا يمكن دستوريا” وقانونا” إقرار قانون ل”الكابيتال كونترول” قبل إقرار قوانين معينة أو تعليق العمل بالفقرة “و” من مقدمة الدستور التي تنص على أن نظام لبنان الاقتصادي هو ليبرالي حر يسمح بالتحويل والتبادل الحر وتحريك الودائع دون قيود.

لقد ظهر جليا، بحسب ما تقول مصادر اقتصادية بارزة لـ”لبنان24″ أن القانون المقترح لم يتضمن أي مادة أو بند لاستعادة الأموال المنهوبة أو المهربة بما فيها تلك التي ينتظر أن تدلي هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان بدلوها عن مصيرها. علما أن ليس من أساس أي قانون ل”الكابيتال كونترول” أن يتضمن بندا عن الأموال المهربة أو المحولة سوى لأن التأخير بإقرار القانون أعطى مجالا لمن يرغب من أصحاب الرساميل بتحويل أموالهم، وبالتالي فإنَّ القول بغير ذلك يعني ان قانونا هكذا لا يستهدف في الحقيقة حماية الأمن القومي المالي للدولة والحفاظ على احتياطاتها من العملات الصعبة المهرّبة أصلاً من بعض النافذين من أصحاب المصارف ومن بعض السياسيين إنما إلزامهم بإعادتها للداخل لضبط الوضع والشروع بالاصلاحات.لا يزال الكابيتال كونترول، وفق الصيغة المقترحة يميز بين ودائع اللبنانيين ما قبل17 تشرين وما بعده علما أن هذا الأمر غير قانوني وغير دستوري، بحسب المصدر نفسه، حيث لم يرد في الدستور أي مادة تجيز التمييز بين الودائع وتصنيفها. في المقابل، يرى نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي أن من المفيد وضع ضوابط على الودائع من خلال اعتماد قيود موحدة ومتناسقة على السحوبات، لكن حتى لا نقيد الحركة الاقتصادية بشكل كبير، فإنه من الضروري عدم وضع أي قيود على التحاويل أو السحوبات من الأموال الجديدة المتأتية من تدفقات العملات الأجنبية والتي أتت بعد اندلاع الازمة او من الأموال الموجودة خارج القطاع المصرفي.

وعلى خط التناقض والتضارب في الاراء من مشروع الكابيتال كونترول، يعتبر المصدر الاقتصادي، الصيغة المقترحة ببمثابة خدمة للمصارف على حساب المودعين التي أهدرت حقوقهم، فمشروع قانون كهذا لو أقر من شأنه أن يشكل مظلة حماية قانونية لها ضد كل الملاحقات القضائية المساقة بحقها من مودعين. بيد أن الشامي يشدد على أن مشروع القانون يقترح أن يسري مفعوله على جميع الدعاوى والإجراءات القضائية في الداخل والخارج والتي لم يصدر فيها بعد حكم مبرم، وبالتالي لا يهدف المشروع إلى حماية المصارف ضد المودعين وهذا بعيد كل البعد عن الحقيقة، إنما الهدف منه حماية صغار المودعين وعدم إغراق البنوك بسيل من الدعاوى القضائية التي قدمت والتي قد تقدم في الخارج من قبل مودعين ومتمولين كبار والذين بمقدورهم أن يدفعوا سخيا بدل أتعاب المحامين وهذا سيؤدي إلى ضرر لصغار ومتوسطي المودعين.لم يتضمن مشروع قانون كابيتال كونترول المقترح اعترافا بالتزام الدولة ومعها المصارف بإعادة الودائع كاملة بعملة الايداع أو بما يعادلها بالعملة اللبنانية بسعر السوق أو حتى بالسعر المعتمد حاليا” لكل المعاملات تقريبا” ألا وهو سعر منصة صيرفة غير الرسمي حتى الآن وذلك لأصحاب الحقوق المهدورة وضمن جدول زمني معين، لِما لهذا الاعتراف القانوني الملزم من طمأنينة رسمية للمودعين، يقول المصدر نفسه، هذا فضلا عن انه تضمن إعفاء المصارف ومن خلفها الدولة بأي مسؤولية سابقة أو لاحقة تنتج عن مفاعيل هذا القانون اتجاه المودعين. وهنا تكمن الخطورة الاكبر لكونها تتناقض مع القوانين المرعبة الإجراء حيث لا يمكن وتحت أي مسوغ قانوني إقرار قانون بمفعول رجعي .وعليه، هل المشروع المقترح سيحمي أموال اللبنانيين او ما تبقى منها؟ وهل الهدف منه إنقاذ الإقتصاد اللبناني وكيف؟ أسئلة تنتظر نقاشات اللجان المشتركة اليوم وفي جلسات لاحقة وما ستخرج به من تعديلات عليه، علما أن نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب الذي يستبعد إقرار الكابيتال كونترول في جلسة واحدة يعتبر أن الصّيغة الأصليّة كما تلك الّتي تحمل ملاحظات من اجتمع معهم من خبراء اقتصاديين ومصرفيين، يحتجان إلى إدخال تعديلات عليهما، من أجل حفظ حقوق المودعين. ومع الإشارة ايضاً إلى أن الحكومة، منفتحة على أية ملاحظات أو اقتراحات تخدم الأهداف الأساسية لمواد المشروع ومن الطبيعي أن تُدرس وتُناقش للتوصل إلى صيغة نهائية ترضي أصحاب العلاقة.