كتبت المحامية ميرفت ملحم:
حكومة “غير مكتملة المواصفات” هو المصطلح الذي لم يكلّ ذوو المصلحة على الترويج له حول حكومة تصريف الاعمال الحالية بحجة عدم امكان ملئها الفراغ الرئاسي في حال خلو سدة الرئاسة عملا باحكام المادة 62 من الدستور اللبناني.
بالطبع ان هذا المصطلح لم يتم الترويج له عن عبث بل تم اطلاقه لطمس التعريف الحقيقي لمفهوم تصريف الاعمال الذي جاء نتيجة لمبدأ دستوري متعلق بضمان استمرارية وديمومة المرفق العام والادارات العامة والذي يجب ان لا يتوقف عن العمل لارتباطه بتسيير مصالح المواطنين العامة. وهذا المبدأ يعطي الحكومة المستقيلة السند الدستوري والرخصة للتصرف في كل الاحوال العادية والاستثنائية والضرورية، وكل ذلك تحت رقابة القضاء الاداري حيث تنتقل المسؤولية الى المسؤولية القضائية عن الاعمال الادارية .
من هنا يمكن القول ان الترويج لهذا المصطلح وغيره من المصطلحات لضرب دور مجلس الوزراء في مرحلة تصريف الاعمال ليس سوى اضافة لمزيد من الاعراف المخالفة لابسط القواعد الدستورية التي جاءت واضحة في هذا الاطار. وفي هذه الحالة “يكون التجاوز في فهم النصوص وتفسيرها واهمال وجودها وعدم الالتفات الى اطلاقها لكي يحل محلها رأي آخر لا يمت بأي صلة الى احكام مكتوبة وجازمة ولا يستوحي من اي أثر مما يكون الفقه والاجتهاد قد توصل اليه”على حد قول الدكتور ادمون رباط في دراسة له.
لا شك ان الجميع باتوا يعلمون خلفيات هذا الترويج اذا ان الاولوية اليوم خاصة لدى صهر رئيس الجمهورية جبران باسيل واعوانه هي “كيفية تنظيم الفراغ الرئاسي” بما يحفظ له نصيبه من الجمهورية الجديدة وان كانت كرسي الرئاسة بعيدة المنال عنه لكن لن يكون نصيبه مثلا اقل من حجز منصب حاكم مصرف لبنان،الحاكم الفعلي لشؤون البلد المالية والاقتصادية بما لذلك من امتدادات على الواقع السياسي ايضا.
ربما استشعر باسيل عدم رغبة جدية لدى حزب الله في ظل الظروف الحالية بتبني مرشح رئاسي استفزازي وهو الامر الذي اكدته معطيات ومعلومات رشحت عن اللقاء الاخير الذي جمع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط بوفد من حزب الله، الامر الذي ربما دفع بباسيل لاعادة تنظيم اوراقه انطلاقا من الاصرار على تشكيل حكومة مطعمة بستة وزراء سياسيين وصولا الى حرب البيانات وبث الشائعات الي طالت ومازالت تطال الحكومة ورئيسها . كل ذلك بهدف وحيد عدم السماح بتمرير الاستحقاق الرئاسي الا بشروطه وضمان حصة الاسد في جيبه.
قد يبدو المشهد مشوشاً في المرحلة المقبلة، اذ ان خروج رئيس الجمهورية من القصر خاليا من اي هدايا لجبران باسيل “لن يبلع” لدى الاخير وهو للغاية سيشغل محركات مطبخه في كل اتجاه لاسيما من بوابة مجلس النواب والسناريوهات عديدة في هذا الاطار. الا انه لا يعلم ان حراكه قد يصطدم بورقة دستورية قد يسحبها رئيس مجلس النواب عندما تدق لحظة الحقيقة، واستعجال دعوة الهيئة الناخبة لمجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية قد تكون من بين هذه الاوراق.