مرّ التجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب، اليونيفيل، هذا الأسبوع، من دون أي تعديلات جوهرية على مهمّة القوّة، ومع كثير من ترحيب بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن والأمم المتّحدة، وطبعاً من الحكومة اللبنانية ورئاسة الجمهورية.
وفي هذا السياق كتبت” الاخبار”: لان أي تغيير جوهري في المهام، كما يرغب العدوّ الإسرائيلي والولايات المتحدة، يحتاج إجماعاً مفقوداً بفعل الموقفين الروسي والصيني، وغياب القرار الأوروبي بالمواجهة والمخاطرة بتحمل كلفة أي خطوات عدائية ضد المقاومة، تستمر محاولات استخدام الواقع في الجنوب في حملة تحريض دولية على المقاومة، بغية شيطنتها وتوظيف مهمة اليونيفيل إلى أقصى حد ممكن في المعركة الإسرائيلية – الأميركية، لكن من دون المخاطرة بمهمّة القوّة برمتها.
وقد بدا لافتاً ما ورد في قرار التجديد للقوّة لمدة سنة، الذي قدّمته فرنسا، والصادر عن مجلس الأمن الدولي تحت الرقم 2650، بالإضاءة وبإسهاب على مسألة «حريّة الحركة» للقوات الدولية على كامل «الخط الأزرق»، وعلى عدم إلزامية مواكبتها من قبل الجيش اللبناني. نص الفقرة 16 من القرار، في مطلع دفاعه عن «استقلالية» عمل اليونيفيل، يعيد التذكير بحوادث صدام مع الجنوبيين وقعت هذا العام وفي الأعوام السابقة، بعدما كانت مقدّمة القرار قد مرّت عليها، مطالبة باستكمال التحقيقات فيها والإشارة إلى الفاعلين ومعاقبتهم، وكذلك التذكير بالاعتداءات المسلحة التي طاولت اليونيفيل، والتي صدر عن المحكمة العسكرية قرارات بشأنها، كما ورد في تحقيقات الأجهزة الأمنية ضلوع جماعات ذات بعد تكفيري فيها.ليس سرّاً، أن مهام اليونيفيل تزيد على 450 مهمّة عمل يومية في منطقة جنوب الليطاني، يشاركها الجيش بأقل من 20% منها، لتقوم بالمهام الدورية الروتينية باستقلالية، لكن مع تنسيق للحركة مع قوات قطاع جنوب الليطاني في الجيش. لذلك، فإن الصدامات في القرى الجنوبية بين الأهالي والدوريات، في السنوات الماضية، معدودة على أصابع اليد، وقليلة جداً مقارنة مع عدد المهام التي تمرّ بهدوء تام، ما يؤكّد حرص المقاومة، قبل غيرها، على الاستقرار في الجنوب، وعلى غياب أي نوايا عدائية من الأهالي أو المزاج الشعبي تجاه القوّة الدولية.
اضافت” الاخبار” ان اجتماعا غير رسمي عقد قبل أسبوعين في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك، على مستوى مندوبي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن. تناول الاجتماع إدخال ما سُمّيَ «تعديلات تقنية ضرورية» على مشروع قانون التجديد للقوات الدولية عاماً إضافياً. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يُطرح فيها إدخال تعديلات على برنامج عمل قوات «اليونيفيل» في الجنوب. إذ كانت واشنطن سبّاقة إلى ذلك دائماً، إلا أن مشروع التمديد كان دائماً يقرّ من دون أيّ تعديلات تُذكر. غير أن باريس آثرت هذا العام التصدّي للأمر، ودخلت على الخط من زاوية زيادة المبلغ الذي تقدمه القوات الدولية لدعم الجيش اللبناني تحت عنوان «مساعدة الجيش في تنفيذ مهامه ضمن منطقة عمل القرار 1701».مشروع الاقتراح الفرنسي، بحسب مصادر دبلوماسية خاصة لـ«الأخبار»، طُرحَ شفهيّاً في الاجتماع. فقد عرض الفرنسيون زيادة المبلغ من 500 ألف دولار إلى مليون، وعلّلوا ذلك بأنه «يأتي في سياق حِفظ استقرار الجنوب»، متهمين حزب الله بالاستفادة من الأزمة المالية الراهنة التي تطال تأثيراتها المؤسسة العسكرية لتعزيز حضوره ودوره في منطقة عمليات القرار 1701 على حساب مؤسسات الدولة. وحذّر الفرنسيون من أن تراجع قدرات الجيش ودورياته ربطاً بأزمة المحروقات والرواتب سيخلق فراغاً يقوم حزب الله بتغطيته لاحقاً، ما قد يخلق «عدم توازن». واستندوا في سوق تبريراتهم إلى ارتفاع منسوب المواجهات التي دارت هذا العام بين الجنوبيين وبعض دوريات «اليونيفيل» (التي تخرق بنود القرار 1701 لناحية تجوّلها في أماكن غير مشمولة بالقرار)، واتهم المندوب الفرنسي حزب الله بالوقوف خلف هذه التحرّكات، إضافة إلى مزاعم عن نصب الحزب نقاطاً (هنغارات حديدية) على طول الحدود لمراقبة تحركات جيش العدو الإسرائيلي، وهذه «مسألة مرفوضة ومحلّ إدانة لأنها تُعرّض الخط الأزرق للخطر وتؤثر على حالة الاستقرار». مع الإشارة هنا الى أن العدو الإسرائيلي كان أول من أبدى انزعاجه من وجود مثل هذه النقاط.وعلمت «الأخبار» أن المندوب الروسي رفض التبريرات الفرنسية. وقال دبلوماسي معني في بيروت لـ«الأخبار» إن المندوب اعتبر أن وضع الجيش اللبناني في مواجهة حزب الله في منطقة عمل قوات الطوارئ الدولية «هو ما قد يتسبّب في عدم الاستقرار، وقد يحوّل منطقة الحدود إلى منطقة ساخنة لا تخدم فكرة الهدوء». وفهم من الموقف الروسي أنه بمثابة رفض صريح لمشروع القرار المحتمل، مع تلويح باستخدام الفيتو فيما لو ذهبت فرنسا نحو ترجمة أفكارها عملياً في مشروع قرار، إذ إن موسكو ترفض إدخال تعديلات على أصل قرار التجديد. وبالفعل، اقتنع الفرنسيون بصعوبة الأمر، وتراجعوا عن إدخال تعديلات وبقي المبلغ المقدم إلى الجيش على 500 ألف دولار.