افتتح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مرحلة سياسية جديدة في لبنان، او اقله مرحلة جديدة في المسار السياسي لخصوم “حزب الله”، اذ رسم لهم خريطة طريقة واضحة لاستعادة التوازن السياسي الذي خسره هؤلاء منذ سنوات ولم يتمكنوا، بالرغم من حصول الانتخابات النيابية وخسارة الحزب وحلفائه للاكثرية، من اعادة تكريسه.
رفع جعجع في كلمته امس مستوى التصعيد السياسي اكثر بكثير مما كان يعتقد اشد المتيقنين من تصعيد، ولم يترك اي خط للعودة مع “التيار الوطني الحر” ودعا بشكل صريح للمواجهة وانتخاب رئيس يواجه، وهذا بحد ذاته نقلٌ لمستوى المعركة الى مرحلة متقدمة سياسيا.قد يكون احد اسباب تصعيد جعجع ودعوته الى انتخاب رئيس واضح الاوصاف السياسية هي رغبته بالتراجع عن “الزحطة” السياسية التي قام بها بترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون مبكرا، الامر الذي اخرجه بسرعة من السباق الرئاسي. حاول جعجع العودة بالسياسة الى مرحلة ما قبل ترشيح عون ليستعيد المبادرة رئاسيا.
كذلك فان جعجع يسعى الى اعادة شد عصب خصوم “حزب الله” في المجلس النيابي بعد نوع من الاحباط سيطر عليهم بسبب تمكن حلفاء الحزب من الفوز بمختلف الاستحقاقات البرلمانية منذ الانتخابات، وبسبب تشتتهم في المرحلة الماضية، وهذا ما دفع جعجع الى الحديث بإيجابية عن الحزب التقدمي الاشتراكي بالرغم من التباينات السابقة.حديث جعجع التصعيدي يأتي بعد تحسن علاقته بحزب “الكتائب” وبالنواب المستقلين ومحاولة فتح صفحة جديدة مع كتلة التغيير بمختلف اطيافها، ما يعني انه استطاع او كاد ان يفك العزلة السياسية عن نفسه، وهذا ما يجعله ينتقل من مرحلة احتواء الازمة والدفاع السياسي الى مرحلة الهجوم.عمليا لا يطمح جعجع الى ايصال رئيس تحد كما اوحى، بل يريد فتح اشتباك حقيقي بشأن استحقاق رئاسة الجمهورية، ولا يريد ايضا ان يعطي مع حلفائه الجدد انتصارا مجانيا لحزب الله، بل سيعمل على منع الحزب من ايصال احد حلفائه الى بعبدا او الاصح سيمنع ان تكون المنافسة محصورة بين سليمان فرنجية وبين من يتوافق عليه فرنجية مع باسيل.
بدأ جعجع مرحلة جديدة بخطابه التصعيدي امس، لكن اهمية ما قاله لا يمكن “تقريشها” من دون حصول تطورات سياسية تتمثل بتوحيد صفوف المعارضين وتوسيع نطاق التنسيق معها ليتمكنوا من تأمين الثلث المعطل وإلزام خصومهم بالتسوية والحلول الوسط.