المتاريس السياسية ترتفع .. استباقا للفراغ وما بعده

5 سبتمبر 2022
المتاريس السياسية ترتفع .. استباقا للفراغ وما بعده


لم تكد تنتهي إطلالة رئيس حزب القوات سمير جعجع يوم أمس حتى توالت الردود عليه من “التيار الوطني الحر”، نوابا وقياديين ومناصرين. فمواقف الحكيم  كانت عبارة عن تسديد الأهداف في مرمى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل من دون أي مقدمات تذكر، فبدت وكأن حكيم معراب تلقف إشارات خارج الحدود ربطا بأحداث وتطورات الاسبوع الماضي عربيا ودوليا ليكتب خطابا هجوميا وقاسيا في وجه حزب الله وحليفه البرتقالي. 

الاشتباك على خط معراب – ميرنا الشالوحي امر طبيعي عند كل استحقاق رئاسي او نيابي او حكومي. التاريخ يعيد نفسه بين “التيار الوطني الحر”و”حزب القوات اللبنانية” عند كل مفصل او محطة. الاختلاف سيد الموقف دائما بين القوى المارونية الاساسية التي تجعل الكلمة الفصل لحلفائها من الطوائف الأخرى في الملف الرئاسي على وجه الخصوص.
فنّد الحكيم مراحل الحقبة الماضية، صوّب على الرئيس عون. عاد الى العام 1988 عندما تسلم الاخير عندما كان قائدا للجيش حكومة كاملة الصلاحيات مكان رئيس الجمهورية الاسبق امين الجميل، وصولا الى تسلمه في العام 2016 رئاسة الجمهورية، فكانت النتيجة وفق توصيف جعجع خرابا كاملا وشاملا على اللبنانيين لم يروا مثله في تاريخهم، حتى في عز أيام الحروب العالمية. 
لا شك ان توقيت خطاب جعجع العالي النبرة لم يأت من عدم. تقول مصادر سياسية لـ”لبنان24″ . فوتيرة التراشق  بين حزب القوات والتيار الوطني الحر كانت شبه عادية في الاسابيع الماضية، بيد ان  مسار التصعيد الذي اعتمده رئيس القوات تجاه حزب الله  لا يمكن التقليل من شأنه وتخفيف من وطأته على ارض الواقع. قد لا يكون غريبا ان يذهب جعجع الى رمي كل اوزار الحقبة الماضية منذ التسعينيات حتى اليوم على التيار الوطني الحر وتبرئة نفسه من مشاركة وزراء قواتيين في حكومات متعاقبة، جريا على عادة الاحزاب السياسية التي ترمي المسؤوليات على بعضها البعض  وتبرئ نفسها وتلعب دور الضحية. الصراع بينهما محتدم وعلى اشده منذ سقوط اتفاق معراب، لكن الخطورة تكمن في ان الخطاب الذي ألقاه الحكيم في ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية خلال قداس حمل عنوان “العهد لكم” ، بدا وكأنه تأسيس لحرب إلغاء سياسية رئاسية ولنزاع مسيحي – مسيحي من دون سلاح. 
قال جعجع: “إن نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة ليست سوى البداية: فبعد اسابيع “رح يطلعوا من القصر … ورح يطلعوا من التاريخ كمان. فنحن بدنا رئيس قادر يقول” “لأ” مهما كانت صعبة من دون خوف على مكتسباته او رأسه او رأس وريثه وولي عهده”. بالنسبة الى الحكيم، فإن انتخابات ايار 2022 طوبته الزعيم المسيحي الاول،  وقصر بعبدا الذي سيغادره الرئيس عون في 31 تشرين الاول المقبل لن يدخله باسيل رئيسا سواء دخل البلد في فراغ ايا تكن مدته قصيرة ام طويلة، فرهانات نائب البترون على الفراغ للبناء مستقبلا على المتغيرات الخارجية التي قد تقوده رئيسا الى بعبدا كلها خاطئة.  فالحسابات السياسية اليوم اختلفت عن العام 2016. توازنات مجلس نواب 2022 مختلفة. وخصوم باسيل لا يعدوا ولا يحصوا. حزب الله لن يذهب الى مرشح يمثل تحديا لأحد ولن يكرر تجربة الانتخابات الرئاسية الاخيرة وفرضه مرشحا بالقوة وترك البلد في فراغ طويل. من هنا طالب جعجع “الكتل النيابية غير الحليفة  لحزب الله والتيار الوطني الحر بالتوحّد مع القوات لإيصال “رئيس إنقاذي” إلى سدّة الرئاسة، فمسؤولية إيصال الرئيس مسؤوليتنا. وبالتأكيد مش حيالله رئيس، رئيس إنقاذي، وإلا نخون الأمانة”.علما ان التباين سيد الموقف ايضا بين عدد من النواب التغييريين وحزب القوات حول مفاهيم تتصل بالوطنية والسيادة وحتى حيال القضايا الحياتية والمالية وطرق معالجتها. 
 
المشهد اليوم يختصر التالي: اشتباك سياسي. تعثر تأليف حكومة. فراغ رئاسي على الابواب. وضع اقليمي غير مساعد مع تراجع  فرص الاتفاق السريع في فيينا. وبالتالي لا احد يعلم ما يمكن ان ينتظر لبنان في الاسابع المقبلة خاصة وان لا ملامح رئاسية حقيقية حتى الساعة. لا اسماء. ولا دعوة لجلسة انتخاب رئيس من بل المجلس النيابي حتى الساعة. وكل ما يقال ويحكى عن مواصفات من هنا وهناك يكاد يكون خارج الواقع.  
 
الاكيد ان الجميع يبني متاريسه السياسية في ظل انعدام  فرص حصول تسوية شاملة في الامد القريب. فمن خطاب رئيس مجلس النواب نبيه بري في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر مرورا باطلالة الدكتور جعجع امس الى كلام النائب باسيل غدا وصول إلى اطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله المرتقبة في الايام المقبلة، يبدو ان مناخ المواجهة السياسية سيكون على اشده بعيدا عن الانفجار بمعزل اذا كان هناك امر خارجي للعمليات ام لا .