دخل ملف تأليف الحكومة دخل في مرحلة جمود بعد اللقاء الاخير بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، وما استتبعه من سجال حاد .وقال مصدر مطلع لـ”الديار” إن فكرة حكومة الثلاثين مع وزراء الدولة الستة طويت وسقطت، وان صيغة اجراء تعديل طفيف على الحكومة الحالية باستبدال وزيري الاقتصاد والمهجرين بقيت عالقة في بعبدا ولم يطرأ اي جديد حولها.
ورداً على سؤال، قال المصدر ان الاعتقاد السائد هو ان هذا الجمود ربما استمر حتى الربع الاخير قبل موعد الاستحقاق الرئاسي، عندئذ سيجد الجميع انفسهم محشورين ويذهبوا الى صيغة حكومية توفيقية مقبولة من كل الاطراف.وكتب محمد شقير في” الشرق الاوسط”: تتعاطى معظم القوى السياسية في لبنان مع اتهام رئيس الجمهورية ميشال عون للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي بوضع يده على البلد بأنه لن تكون له مفاعيل سياسية في حال أنه قرر أن يقلب الطاولة على خصومه اعتقاداً منه بأنه يضغط لإعادة خلط الأوراق كرد فعل على إخفاقه في تطويع ميقاتي للتسليم بشروطه بتشكيل حكومة سياسية موسّعة تتولى إدارة الفراغ الرئاسي إذا تعذّر انتخاب من يخلفه في المهلة الدستورية.فعون يتناغم مع وريثه السياسي رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ويستخدم آخر أوراقه بالتحريض على ميقاتي بذريعة أنه يستعصي على تشكيل حكومة بديلة من حكومة تصريف الأعمال التي لا يعترف بها لأنها من وجهة نظره ليست مكتملة الأوصاف.لكن عون في المقابل يحتفظ بالخيارات التي يمكن أن يُقدم عليها في حال شغور الموقع الرئاسي برغم أنه يدرك، كما يقول مصدر سياسي لـ”الشرق الأوسط”، بأن خصومه يعدّون الأيام المتبقية من ولايته وبدأوا يضيّقون عليه الحصار ولن يجد من يجاريه في خياراته إلا إذا تلقى الضوء الأخضر من حليفه “حزب الله”، الذي لا يحبّذ التورّط في مغامرة يمكن أن ترتدّ عليه لأن المجتمع الدولي سيبادر إلى تحميله مسؤولية إقحام البلد في فراغ يستدرجه إلى الفوضى واتهامه بتوفير الغطاء السياسي لرئيس لم يتبقّ من ولايته سوى 50 يوماً.ويلفت المصدر السياسي إلى أن لجوء عون إلى تشكيل حكومة على غرار الحكومة العسكرية التي ترأسها بعد نهاية عهد الرئيس أمين الجميل سيواجه مقاومة شعبية وسياسية على خلفية مخالفته للدستور.ويؤكد بأن عون، وإن كان عدد من أفراد فريقه السياسي يهوّل بأنه لن يغادر بعبدا إلا بعد تشكيله لحكومة بديلة عن حكومة تصريف الأعمال فإنه يدرك في المقابل بأن الدستور لا يجيز له إصدار المراسيم الخاصة بتشكيل الحكومة من دون توقيع الرئيس المكلّف بتأليفها.ويقول المصدر نفسه بأن عون لا يستطيع أن يدير ظهره للدستور ويتصرف، مما يسمح له بالعودة إلى الدستور القديم الذي يمنح رئيس الجمهورية صلاحية تعيين الوزراء واختيار رئيس حكومة من بينهم، ويرى بأن مجرد لجوئه إلى هذه الخطوة يكون قد دخل في اشتباك سياسي مع المجلس النيابي الذي سمّى ميقاتي لتشكيل الحكومة الجديدة.ويحذّر عون من مصادرته لصلاحيات المجلس النيابي الذي سمّى ميقاتي لتولّي رئاسة الحكومة، خصوصاً أن دوره يقتصر على إجراء استشارات نيابية مُلزمة لتسميته يعود له الإعلان عن نتائجها. وبكلام آخر فإن دور عون يقتصر في هذه الحال على تسجيل نتائج الاستشارات النيابية، تمهيداً للإعلان عن اسم الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة.ويدعو المصدر عون إلى الكف عن مكابرته لتمرير الاستحقاق الرئاسي بأقل كلفة على البلد، وفي حال استحال إنجازه في موعده فما عليه إلا التسليم بروحية الدستور الذي ينص على انتقال صلاحيات الرئيس بالوكالة إلى الحكومة، ولم يأت على ذكر طبيعة هذه الحكومة أكانت تتولى تصريف الأعمال أو مكتملة الأوصاف، ويرى بأن هروب عون إلى الأمام سيصطدم بحائط مسدود.
أما إذا بادر عون إلى إحداث “صدمة” سياسية من نوع آخر بتشكيل حكومة عسكرية فإن الجواب سيأتيه سلفاً برفض قيادة الجيش إقحامها في نزاع داخلي في ظل انسداد الأفق أمام الفريق السياسي المحسوب على عون، فيما تشكل المؤسسة العسكرية إلى جانب القوى الأمنية صمام الأمان للحفاظ على الاستقرار وقطع الطريق على من يحاول أخذ البلد إلى المجهول القاتل.
إلى ذلك، رأى عضو كتلة التغيير النائب الياس جرادي في تصريح لـ “الأنباء الكويتية” ان مبادرة قوى التغيير صيغت بمعايير وطنية، ولا تفاضل بين هذا وذاك من الفرقاء السياسيين التقليديين، لا بل تحمل في طياتها تسمية رئيس مستقل ومقبول من الجميع، وهذا لا يعني رئيسا لا طعم له ولا لون، إنما رئيس يتمتع بمواصفات وطنية قادرة على جمع اللبنانيين بالحد الأدنى المتعارف عليه لبناء الدولة، وعلى معالجة الأزمات لسحب لبنان من فم التنين.
وأكد أن لبنان زاخر بالرجال الاكفاء والمؤهلين علميا وعمليا للتعاطي بإيجابية مع المرحلة الراهنة على صعوبتها، ما يعني من وجهة نظر جرادي، ان المطلوب في المبادرة، رئيس من الشعب وللشعب، ومن ذوي الخبرات السياسية والاقتصادية، رئيس ملم بكيفية إدارة الدولة بمؤسساتها الدستورية والإدارية لاسيما القضائية منها، رئيس يستعيد ثقة اللبناني بدولته، وثقة العالم بدور لبنان في المحافل العربية والدولية، ويؤمن باستقلالية لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية.
واستطرادا، لفت جرادي الى ان مواصفات الرئيس التي وضعتها المبادرة، قد تتقاطع في بعض جوانبها، مع المواصفات التي وضعتها كل من بكركي ودار الفتوى، إضافة الى مواصفات القوى السياسية التقليدية، الا ان ما تتميز به مبادرة قوى التغيير، هو سعيها لخلق ثقة بين الفرقاء السياسيين، وجمعهم على كلمة سواء تنقذ البلاد من الفراغ في السدة الرئاسية، وذلك انطلاقا من كونها مبادرة جامعة بكل ما للكلمة من معنى، وليست لتكوين اصطفاف ثالث من شأنه سكب الزين على النار والإطاحة بآمال اللبنانيين للخروج من النفق.
وانطلاقا مما تقدم، اكد جرادي ان كلا من القوى السياسية التقليدية يشعر بأنه مأزوم ويراوح مكانه لجهة قدرته على تسويق خياراته الرئاسية، ولجهة ضرورة عدم انهيار الدولة بالكامل، من هنا فإن قوى التغيير ستبدأ خلال الأيام القليلة المقبلة، بالتواصل مع كل الفرقاء السياسيين دون استثناء في سبيل تسويق مبادرتها، ومن المتوقع ان يتلقف الجميع حول مضمونها كمساحة وطنية جامعة لإخراج الاستحقاق الرئاسي من كوكبة التجاذبات السياسية.