عون يصفّي التيار لمصلحة باسيل… والترسيم ما زال في “قلنا وقالوا”

13 سبتمبر 2022
لبنان الكبير

وسط العجز الواضح والفاضح على المستويات السياسية والاجتماعية والمالية والمعيشية والقضائية والصحية، والعتمة الشاملة التي حولت نهار اللبنانيين الى ليل حالك، ورفع الدعم نهائياً عن المحروقات ما دفع الى التحرك وقطع الطرقات في أكثر من منطقة، تحاول السلطة اخفاء تلكؤها وفشلها وتسلطها من خلال اقرارها موازنة 2021 في مجلس النواب هذا الأسبوع علها تحصل على جرعة رضى من المجتمع الدولي بعد أن فقدتها كلياً من المجتمع المحلي.

في المشهد السياسي سبات عميق، وجمود لا يوحي بالطمأنينة وكأن كل الاستحقاقات الدستورية دخلت في دهاليز سحرية لا يمكن الخروج منها الا بكلمة سر مرورية لا أحد يعرفها الا المتحكمين برقاب العباد، على الرغم من أن الحديث عاد في اليومين الماضيين عن امكان تشكيل حكومة قبل أسبوع أو أسبوعين من نهاية العهد الحالي أي في ربع الساعة الأخير.

وأكد مصدر مواكب في تصريح لـ”لبنان الكبير” أن كل شيء وارد، والرئيس المكلف نجيب ميقاتي لن يقفل باب التأليف طالما هناك بصيص أمل، ولن يتوقف عند التصعيد العوني تجاهه اذا لمس أن هناك جدية ونية فعلية في تشكيل حكومة، وبالتالي، فهو لن يضع فيتو على زيارة القصر الجمهوري اذا تمكنت الوساطة من تذليل العقبات.

أما الاستحقاق الرئاسي الذي حُكم عليه بالشغور قبل أوانه بأشهر، فإن قوى المعارضة لن تسلم بهذا الحكم، وتريد لبننة هذا الاستحقاق، وانتخاب رئيس للجمهورية يكون انقاذياً، ويسترد الدولة، وقد استهل النواب التغييريون جولتهم على الكتل النيابية لمناقشة المبادرة الرئاسية التي أطلقوها منذ ايام، بزيارتهم مقرَّي حزب “الطاشناق” وحزب “الكتائب اللبنانية”.

واذا كان اللبنانيون ينتظرون بفارغ الصبر نهاية العهد الحالي الذي لم يجلب لهم سوى الفقر والقلة والعذاب واليأس، فإن أعداداً كبيرة من مؤيدي العهد و”التيار الوطني الحر” باتت تعترف بأن العهد فشل فشلاً ذريعاً، وعلى الرغم من أنه لا يتحمل وحده مسؤولية الانهيار الا أنه ساهم بصورة كبيرة في تفاقم الأوضاع، وبالتالي، هم غير راضين عن سياساته وممارساته، وهذا ما تجلى سابقاً وسيتجلى في المرحلة المقبلة من خلال هجرة لن تكون موسمية أو مؤقتة من “التيار الوطني الحر” بل دائمة والى غير رجعة.

وآخر فصول هذه الهجرة منذ أيام قليلة حين أبلغ النائب السابق زياد أسود قرار فصله خصوصاً أنه كان هاجم رئيس “التيار” النائب جبران باسيل من دون أن يسمّيه.

كما تلقى النائب السابق ماريو عون كتاب فصله بعد أن كان قدم استقالته في تموز الفائت، وغرّد على حسابه عبر “تويتر”، قائلاً: “وردني كتاب فصلي من التيار علماً بأنني كنت قد تقدمت بتاريخ 14 تموز الفائت باستقالتي من الحزب الذي ساهمت في تأسيسه.

أستغرب كيف يصدر هكذا قرار إستعراضي كأن يُفصَل مَن استقال أصلاً”.

وعلّق أسود على تغريدة عون بالقول: “حكيم ليش مهتمّ أساساً؟ أغلاطهم بيرموها ع غيرن، فاشل ومتكبّر وما خلّو، إنسى إنت أكبر من هيك”.

ولفت أحد كوادر “التيار” في تصريح لـ”لبنان الكبير” الى أن العديد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وقياديين، مستاؤون من تصرفات باسيل الّذي يتعامل بفوقيّة مع الجميع ووضع نظاماً داخلياً مفصلاً على قياسه، يمنحه صلاحيات واسعة تكاد تصل الى الديكتاتورية حتى أنه يتبع سياسة إقصاء المؤسسين والنّضاليّين القدامى ليصبح “التيّار البرتقالي” بأكمله من الشبان أو المحازبين الجدد، وبالتالي، يكونون تحت إمرته، وينفذون طلباته من دون اعتراض أو جدل أو نقاش. وفي التيار أشخاص ثائرون على الواقع وعلى التقليد ولا يمكن التعامل معهم بعقلية حزبية أو تقليدية، كما أن رئيس التيار لا يمكنه فرض رأيه على الكوادر والمؤسسين.

نحن خائفون على مصير التيار بحيث أن الانسحابات ستتوالى بعد الانتخابات الرئاسية لأن كثيرين يحترمون العلاقة التاريخية التي تربطهم برئيس الجمهورية ميشال عون، ولا يقدمون على هذه الخطوة حالياً احتراماً له ولموقعه كما أنهم لا يريدون نشر غسيلهم على وسائل الاعلام أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً أنهم يؤمنون بمبادئ “التيار” التي انحرفت عن مسارها.

وفي حين اعتبر ماريو عون في حديث صحافي أنّ “ما يحصل اليوم في التيار الوطني الحر، مهزلة مع الّصلاحيّات الّتي تلامس الدّيكتاتوريّة الّتي وضعها باسيل لنفسه”، أشار أحد مؤسسي “التيار” في حديث لـ”لبنان الكبير” الى أن كثرة أصوات المعارضة من الداخل تدل على أن هناك خطأ في مكان ما، والقيادة تتحمل المسؤولية، وعليها المبادرة الى الاصلاح من خلال حكمتها في ايجاد الحلول والمخارج الموضوعية لكل المشكلات.

رئيس التيار أو الحزب اذا لم تكن لديه القدرة على احتضان الجميع، ويعمل على وضع نظام داخلي ديموقراطي يطبق على الكبير والصغير، فلا بد من أن تحصل الهجرة، وهذا ما نراه حالياً. وأكد أن قرار فصل عون وأسود من التيّار، لم يتّخذه باسيل، إنّما رئيس الجمهوريّة وباسيل ينفّذ القرار فقط.

قصة ترسيم الحدود البحرية طويلة

بعد أيام على مغادرة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، لا تزال الصورة ضبابية حول النقاشات في لقاءاته الأخيرة مع المسؤولين اللبنانيين، الا أن مصدراً مطلعاً أكد لـ”لبنان الكبير” أن الوسيط كان يحمل في جعبته اقتراحات جديدة من الجانب الاسرائيلي، ولبنان لم يوافق عليها، وعلى الرغم من كل الايجابية التي يتم الحديث عنها، فإن ما يحصل حتى الآن ليس سوى تضييع للوقت، وعندما نحصل على وثيقة موقعة من الجانب الاسرائيلي حينها يمكن الحديث عن ايجابية لأنه لا يجوز أن نسير بلعبة الخداع التي يلعبها الأميركي مع الاسرائيلي.

لم ينقل هوكشتاين في كل لقاءاته سوى أفكار واقتراحات، وليس هناك من حقائق واحداثيات يبنى عليها. قصتنا في ترسيم الحدود البحرية طويلة اذ أن الاسرائيليين يعملون في حقل “كاريش” حسب خطة العمل، ونحن لا زلنا في اطار التكهنات والتوقعات. ثم عن أي ايجابية نتحدث ولم تحصل الى اليوم المفاوضات التقنية، ولا نزال في مرحلة المفاوضات الجيوسياسية؟ انها مفاوضات “قلنا وقالوا” وهي عبارة عن مراوغة وكسب للوقت من الجانب الاسرائيلي. أما خط العوامات الذي وضعته اسرائيل سنة 2000 لتمنع الصيادين اللبنانيين من الاقتراب من الجانب الاسرائيلي فليس له علاقة بالحدود البحرية وبالخط 23. وطلب الجانب اللبناني احداثيات هذه العوامات البحرية ليعرف ان كانت تتطابق مع نقاط هذا الخط.

وليس مستبعداً أن يكون الوسيط الأميركي طرح ابقاء خط العوامات في المياه الاقليمية لتكون الحدود الفاصلة بين لبنان واسرائيل كي يطمئن الاسرائيليون أمنياً، لذلك كان الجواب اللبناني اذا كان خط العوامات يتطابق مع الخط 23 فلا مشكلة، واذا لم يتطابق، فيجب تغيير مكانها مع العلم أن لبنان اعترض على وضعها في تلك المنطقة منذ سنوات، ولم تقبل اسرائيل أي طلب لبناني لسحبها أو تغيير مكانها لا بل على العكس كانت تحرص على تثبيت كل واحدة تخرج عن اطارها. وهنا لا بد من القول ان هوكشتاين فعّل عملية التفاوض غير المباشرة بصورة ايجابية بعدما تراجع لبنان عن الخط 29، فكان هناك نوع من القبول الاسرائيلي، والصعوبة اليوم في امتداد حقل “قانا” من جنوب لبنان الى شمال فلسطين، وتخطيه الخط 23، وبما أن هذا الحقل لا يزال وهمياً، فإسرائيل هي المستفيد الأول من المطالبة بحصص مقابل حصتها في الحقل.

من جهة ثانية، وفي الشأن الجنوبي أيضاً، هناك غياب تام لأي موقف رسمي عقب تهديد مسؤولي “حزب الله” بالتعامل مع قوات “اليونيفيل” بعد توسيع صلاحياتها كـ “قوات احتلال”، الا أن حركة “أمل” أكدت التزامها بـ”آليات العمل الخاصة لقوات الطوارئ الدولية في الجنوب (اليونيفيل)، والتي نص عليها القرار 1701 منذ صدوره، والتي تؤكد بوضوح دورها في مؤازرة الجيش اللبناني في القيام بالدوريات والأنشطة المختلفة، ولا يمكن القبول بتغييرها من باب الحرص على عدم إهتزاز العلاقة القائمة والمتينة بين هذه القوات وأهالي الجنوب الذين يتمسكون بها كما بحقهم المشروع في حماية أرضهم وتحرير ما تبقى منها في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من الغجر”.

في المقابل، أوضح الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” في بيان أنه “تم تداول في الأيام الأخيرة، قدر كبير من المعلومات الخاطئة والمضللة في وسائل الإعلام حول ولاية اليونيفيل. إن حفظة السلام التابعين للبعثة يواصلون التزامهم الأمن والاستقرار في جنوب لبنان ودعم الناس الذين يعيشون هنا.

لطالما كان لليونيفيل تفويض للقيام بدوريات في منطقة عملياتها، مع أو بدون القوات المسلحة اللبنانية. ومع ذلك، تستمر أنشطتنا العملياتية، بما في ذلك الدوريات، بالتنسيق مع القوات المسلحة اللبنانية، حتى عندما لا يرافقوننا.

إن الحقائق مهمة، ونشجع وسائل الإعلام وغيرها على مراجعتنا مباشرة قبل نشر معلومات غير صحيحة يمكن أن تزيد التوترات بين حفظة السلام والمجتمعات التي نحن هنا لمساعدتها”.