تستمر فرنسا في اتصالاتها بشأن لبنان آملة أن تتكلل الجهود واللقاءات المكثفة التي تقوم بها مع القوى المعنية في الملف اللبناني في اجراء استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الموعد الدستوري .وفي هذا السياق كتبت “الاخبار”: عادت السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو من بلادها حاملة رسائل للمسؤولين اللبنانيين أكّدت أن «الرئيس الفرنسي يتدخل لدى إسرائيل للإسراع في إنجاز اتفاق الترسيم»، وأن «فرنسا تجري مشاورات مع شركة توتال وتتعهد بأن تبدأ الشركة أعمال الحفر فور توقيع الاتفاق». لكن مصادر مطلعة أكّدت لـ«الأخبار» أن الانتخابات الرئاسية هي الملف الذي يتصدّر أولويات فرنسا في لبنان، مع دخول لبنان المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، و«تبدّيه» على ما عداه بما في ذلك تأليف حكومة. ولفتت المصادر إلى أن «لفرنسا هامشاً كبيراً من حرية الحركة في ملف الرئاسة قد يسمح لها بإحداث تقدّم»، مشيرة إلى كلام نُقل عن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا بأن «فرنسا معنية بالملف الرئاسي أكثر من أي طرف خارجي، خصوصاً أن العلاقة غير مقطوعة بين الفرنسيين وحزب الله». وفي هذا السياق، تحدثت المصادر عن «برنامج حافل بالمواعيد» للسفيرة الفرنسية التي زارت الرئيس نبيه بري أمس، «مع كل القوى والأحزاب، بما فيها حزب الله، لاستمزاج آرائها في المخارج الممكنة لتجنب الفراغ الرئاسي».
المصادر قالت إن غريو التقت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الديبلوماسي إيمانويل بون، وشاركت في لقاء فرنسي – سعودي في باريس، ضمّ السفير السعودي في بيروت وليد البخاري والمسؤول السعودي نزار العلولا ومستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل، لمناقشة الملف الرئاسي. وأكدت مصادر مواكبة وجود «اختلاف كبير في الموقفين السعودي والفرنسي» في هذا الملف. ففيما تشدّد باريس على «ضرورة إنجاز الاستحقاق في موعده وتطلب مساعدة السعودية في ذلك وتؤكد أن لا اسم معيناً لديها بل مواصفات للرئيس المقبل»، أكد السعوديون أنهم «غير معنيين بأي تسوية، بل يهمهم اسم الرئيس المقبل»، مشيرين إلى أنهم «لن يتعاونوا في أي ملف يتعلق بلبنان ما دام حزب الله يتحكّم بكل مفاصل الحكم». كما أبدى الوفد السعودي «عتب المملكة على سياسة فرنسا تجاه إيران في المنطقة، فضلاً عن إبقائها قنوات الاتصالات مفتوحة مع حزب الله والتشاور الدائم معه في الملفات اللبنانية».
وكتب طوني كرم في ” نداء الوطن”: طغى الإستحقاق الرئاسي على اللقاءات التي شهدتها العاصمة الفرنسيّة قبل أيام بين الجانب الفرنسي ووفد رفيع المستوى من المملكة العربية السعودية ضمّ مستشار الديوان الملكي لشؤون لبنان نزار العلولا وسفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري ومسؤولين آخرين.
وعلمت «نداء الوطن» من مصادر متابعة، أنه إلى جانب التأكيد السعودي على أهمية إجراء الإستحقاقات الدستورية في موعدها، جرى التشديد أيضاً على أهمية أن يشكل هذا الإستحقاق مؤشراً لخروج لبنان من الفراغ «القائم»، واستعادة مكانته وصداقاته على الساحة الدوليّة، تماشياً مع المساعي القائمة بين الطرفين (السعودي والفرنسي)، والتي توجت عملانياً في بيان جدّة الذي أعقب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المملكة العربية السعودية ولقائه الأمير محمد بن سلمان، والذي جدد التأكيد على ضرورة تطبيق الدستور والطائف وقرارات الشرعية الدولية وتحديداً 1559، 1680، 1701.ولم تقتصر لقاءات الوفد السعودي على المسؤولين الفرنسيين، بل شملت عدداً من السياسيين اللبنانيين الذين صودف تواجدهم في باريس. وخلافاً للتوجه الفرنسي الذي يجد في إيصال إيٍ من المرشحين إنجازاً له، تجد المملكة العربية السعودية نفسها بغنىً عن الغوص مجدداً في تكرار تجربة الرئيس ميشال عون والتطمينات التي قُطعت لها حينها، على أن انتخابه سيؤدي إلى إعادة تموضعه في الوسط، ليعمد الرئيس عون لاحقاً إلى الإنقلاب على التطمينات التي رافقت إنتخابه والتموضع أكثر إلى جانب «حزب الله» على الرغم من الرسائل الوديّة التي حملها أمير مكة إلى بيروت في زيارة التهنئة، و»الإستقبال» الذي حظي به الرئيس عون لاحقاً خلال زيارته إلى «المملكة».ومع استبعاد السعودية تكرار هذا السيناريو، لا تجد نفسها معنيّة في احتضان العهد القادم والإنخراط في تقديم الدعم المطلوب لاستعادة لبنان عافيته إذا كان خيار اللبنانيين الإتيان برئيسٍ يستكمل مسيرة الرئيس ميشال عون،