منذ أن لاحت له فرصة وراثة العماد ميشال عون لرئاسة “التيار الوطني الحر” بدأ النائب جبران باسيل بإفتعال المشاكل داخل أكبر تيار شعبي مسيحي في حينه.
البداية كانت مع النائب الآن عون، حين تدّخل خاله وعمل ضد إبن شقيقته لمصلحة “الصهر”. وكان قبل ذلك “عادى” إبن شقيقه نعيم عون الذي إعتبر منذ اللحظة الأولى أن أسلوب جبران الإلغائي سيؤدّي إلى فكفكة “التيار” من الداخل، وإلى إنهياره تدريجيًا. وهذا الكلام عاد وذكرّ فيه من إعتبر أن جبران يستفيد من صلة القربى مع “الجنرال” ليتبوأ المناصب التي لا يستطيع أحد الوصول إليها لولا تلك الصلة. وهذا التذكير وجهه نعيم إلى عمّه الرئيس ميشال عون، فقال له، بتصرّف: نتيجة تصرفات جبران ونزعته الإستعلائية والتشاوفية تراجع “التيار” خطوات كبيرة إلى الوراء. وهذا ما أظهرته نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة، حيث لم تستطع قيادته الحالية تجاوز عتبة الـ 27 في المئة من أصوات المسيحيين فيما كانت هذه النسبة يوم “التسونامي العوني” في حدود الـ 75 في المئة.
ويُنقل عن النائب الآن عون أنه لولا تدّخل “الجنرال” بالمباشر في الإنتخابات الداخلية في “التيار” لأتت النتيجة على عكس ما هي عليه اليوم.
وبعدما أُنيطت به رئاسة “التيار” راح باسيل ينفذّ خطته الإقصائية، بحيث إعتمد سياسة “من هو ليس معي فهو حتمًا ضدي”. وعلى هذا الأساس سعى منذ اللحظة الأولى إلى ما أسماه “تنظيف” البيت الداخلي، بدءًا بالأشخاص الذين ساهموا في تأسيس “التيار العوني”، ولم يتركوا “الجنرال” منذ لحظة نفيه إلى فرنسا حتى لحظة إستلام جبران رئاسة “التيار”. الأسماء كثيرة ومعروفة ولا حاجة إلى ذكرها.
وهذه السياسة التي إتبعها باسيل، بغض نظر الرئيس عون، قبل أن يكون رئيسًا وبعد الرئاسة، أدّت إلى حال من “التملمُل” داخل صفوف “التيار”. وقد زاد من حدّة هذا “التململ” توالي صدور قرارات “الفصل” في حقّ عددٍ من المسؤولين البارزين فيه من بينهم النائبان السابقان زياد اسود وماريو عون، وقبلهما النائب السابق حكمت ديب.
وما يتخّوف منه “العونيون”، الذين لا يزالون داخل “التيار” لما يربطهم بـ”الجنرال” من نضالات مشتركة، أن تكرّ سبحة قرارات الفصل العشوائية والكيدية، فضلًا عمّا يمكن أن تشهده الساحة الحزبية من إستقالات فردية لأسباب كثيرة، ومن بينها وأهمها تحميل “صهر العهد” مسؤولية فشل العهد، فضلًا عن ممارسته سياسة “صيف وشتاء فوق سطح واحد”.
وما يخشاه هولاء “العونيون” أن هذه الحالات الإهترائية تتزامن مع إنتهاء ولاية الرئيس عون. ويعتقدون أن إستمرار هذا الوضع على ما هو عليه سيؤدّي إلى المزيد من الضياع والتفكّك والتلاشي.
ومقابل توقّع البعض أن تشمل مروحة الفصِل مسؤولين آخرين جرى اعتبارهم “متمرّدين” على “التيار” وقراراته، تقول مصادر مقربة من القيادة الحزبية إن ما يُتخذ من إجراءات مسلكية في حق الذين يعتبرون أنفسهم فوق القانون الحزبي والقرارات الحزبية أمر طبيعي، وهو يحصل في مختلف الأحزاب، التي لديها قاعدة شعبية واسعة كـ”التيار الوطني الحر”.
وفي رأي هذه المصادر أن الإنضباط الحزبي هو من بين المؤشرات الكثيرة إلى نسبة النجاح أو الفشل. وتقول إن من حقّ كل حزبي، أيًّا كانت وظيفته الحزبية، أن يناقش ويبدي رأيه في القضايا المطروحة، ومن الطبيعي والصحّي ألا تكون كل وجهات النظر متطابقة حول قضية ما، سواء أكانت سياسية أو تنظيمية، ولكن متى تُتتخذ القرارات بالتصويت الديمقراطي على الجميع الإلتزام بها. ومن يخالف هذه القرارات ويتمردّ عليها من الطبيعي أن تُتخذ في حقه الإجراءات المسلكية المنصوص عنها في النظام الداخلي لـ”التيار”.
فالأفضل أن يضم “التيار” ألف حزبي منضبط على أن يكون في صفوفه الآف غير منضبطين و”يحرتقون” على القرارت الحزبية والنهج الذي يتبعه رئيس “التيار” والقيادة الحزبية.