بدأ الاستحقاق الرئاسي يأخذ مداه السياسي والإعلامي رغم وجود استحقاقات بالغة الاهمية في الحياة السياسية اللبنانية، وذلك مع اقتراب الموعد الدستوري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، ما يفرض على المرشحين والكتل بدء معاركهم السياسية والانتخابية لتحصيل القدر الاكبر من المكتسبات وتحسين الشروط.
ولعلّ الحراك الذي بدأته قوى التغيير وتحديداً “كتلة ال13” بشأن الانتخابات الرئاسية والتي وصفت بالمبادرة للوصول الى تسمية مرشح متوافق عليه مع سائر الكتل خير دليل على دخول الاستحقاق الرئاسي حيّز الكباش السياسي الجدّي بين مختلف الاطراف. إذ إن قوى التغيير انطلقت بجولاتها على الكتل النيابية بهدف إطلاعها على مواصفات الرئيس التي ترغب بإيصاله الى بعبدا.لكن حراك قوى التغيير يأتي في إطار محاولة منع قوى الثامن من آذار من إيصال مرشحها الى القصر الجمهوري، خصوصاً أنّ توجّه 8 آذار قد يلزم “التغييريين” للاصطفاف الى جانب البعض من فريق 14 آذار التقليديين وتحديداً “القوات والكتائب اللبنانية” وبعض النواب المستقلين الذين يجاهرون بالخصومة لـ”حزب الله”.
ورغم “الحشْرة” التي تُربك “وجوه التغيير” في هذه المرحلة، غير أنهم لا يبدون رغبة فعلية بالذهاب بعيداً في أي اصطفاف سياسي سيؤدي حتماً الى تضررهم بشكل بالغ في الشارع اللبناني وخسارة موقعهم الوسطي المؤيد لعملية التغيير السياسي بعيداً عن أي اصطفاف تقليدي بين فريقي 8 و 14 آذار. وهذا الامر لن يكون ممكناً في حال اتجهت قوى الثامن من آذار نحو ترشيح شخصية من صلب فريقها، إذ ستصبح معه قوى التغيير مجبرة سياسياً على الوقوف الى جانب من يريد تعطيل جلسات مجلس النواب ديمقراطياً وتأمين الثلث المعطل له.لذلك، فإنه من المتوقع أن ترجح كفة النواب التغييريين الذين يرفضون تسمية شخصية دون غيرها وطرحها على القوى السياسية، حيث انقسمت الاراء داخل كتلة التغيير ما بين اختيار شخصية محددة دون سواها لتكون ضمن المبادرة وبين من يرفض ذلك معتبراً أن المواصفات وحدها كافية ولا يجوز إلزام المبادرة بقيود مرتبطة بشخصية واحدة دون غيرها.
لا يطمح التغييريون في لبنان لإيصال شخصية مقرّبة، سيما أن الجو العام في لبنان المرتبط بحراك 17 تشرين قد خفتَ بريقه وسلك طريق التراجع الملحوظ، لكنهم يعملون بشكل ثابت للحفاظ على استقلاليتهم والقيام بمبادرات تمكّنهم من استغلالها في السياسة والاعلام على اعتبار أنهم يسعون لفرض الحد الادنى من التغيير في كافة المراكز، وذلك بعد حُكم السقوط المدوي الذي صدر بحقّهم عن غالبية الشعب اللبناني في انتخابات رئاسة مجلس النواب وهيئة المجلس وغيرها من المناصب في المجلس النيابي، لذلك فهم يعملون بجهد مترافق مع زخم اعلامي على إظهار نيتهم للتغيير في موقع رئاسة الجمهورية.