أعاد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي التأكيد على الثوابت الاساسية لبكركي خلال مقابلته التلفزيونية قبل يومين، وبالرغم من ان البعض اعتبر ان كلام الراعي يمثل استدارة سياسية، الا ان مواقفه كانت اعادة تذكير بالمواقف الثابتة للبطريركية بعيدا عن التصعيد السياسي اليومي الذي قد يأخذ النقاشات في اتجاه مختلف.
ابرز الراعي ان مواقفه السابقة ليست عدائية ضد “حزب الله” بل على العكس، فهو يتعامل مع الحزب كما يتعامل مع مختلف القوى السياسية، ولديه ملاحظات سياسية معينة من دون ان يكون جزءًا من اي اصطفاف سياسي ضده، وهذا ما يخفف التوتر بين الطرفين في ظل الحديث عن عودة التقارب بينهما.اكد الراعي انه سيدعم رئيس قادر على الحديث والتواصل مع كل الاطراف متقاطعا مع نظرية الرئيس غير المستفز، وان كان لا يتوافق مع توجهات “حزب الله” الرئاسية، لكنه يطمئن حارة حريك الى حد كبير بأن البطريركية المارونية ليست في الخندق المعادي لها كما يحاول اكثر من طرف الايحاء.
الراعي والى جانب دفاعه المباشر وغير المباشر عن الموقع المسيحي الاول، الا انه طلب من الرئيس ميشال عون الخروج من قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته فورا احتراما للدستور بعيدا عن رأيه بالحكومة، أكانت تصريف اعمال ام حكومة جديدة مكتملة الاوصاف، وهذا يعني ان بكركي لا تريد الذهاب الى الاصطفافات الطائفية على حساب الاستقرار. لكن الراعي ايضا رفع سقف خطابه المرتبط بالنازحين السوريين على اعتبار ان الامر قد يؤدي الى تهديد وجودي، فأعطى دعما كبيرا لكل المبادرات او الجهود التي تمارس لاعادتهم الى بلادهم بعيدا عن كل الخطاب المرتبط بالعودة الامنة، حتى تلك التي يقوم بها اللواء عباس ابراهيم، مصرا على رفض ربط العودة بالاهداف السياسية لبعض الدول وهذا يعد نقلة نوعية في الخطاب اللبناني خصوصا انه صادر عن بكركي. لا تسعى بكركي للقيام بدور مباشر في التفاصيل السياسية خصوصا في ظل الانقسامات الحادة الموجودة في هذه المرحلة، لكنها مهتمة، كما دائما ان تكون البوصلة في القضايا المصيرية والوطنية، وان تساهم في منع اي انزلاق نحو ازمات كبرى تزيد من سرعة الانهيار الاقتصادي.
أراد البطريرك الراعي التأكيد مجددا على الثوابت المرتبطة بمواقف بكركي العامة والتي تجعلها لا تجامل في بعض القضايا لكنها في الوقت نفسه بعيدة عن الاصطفاف السياسي التقليدي والمباشر، وذلك لكي تتمكن من لعب دورها المعتاد في التقريب بين جميع اللبنانيين في مثل هذه اللحظة السياسية والاقتصادية الحساسة…