هشاشة الوضع اللبناني والخوف من قرع طبول الحرب على خلفية التهديدات المرافقة لملف ترسيم الحدود البحرية، أعادت الاهتمام الفرنسي بمعالجة أوضاع لبنان. فربطاً باللقاءات الفرنسية – السعودية في باريس ومحورها أوضاع لبنان والاستحقاق الرئاسي وتنفيذ الإصلاحات، ثمة اهتمام بضرورة توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية من اجل البدء بالتنقيب، وتالياً حلّ أزمة الغاز التي ضربت أوروبا على خلفية الحرب الروسية – الأوكرانية، والتي أصبحت حاجة قصوى وأولوية مطلقة أوروبياً وتحديداً فرنسياً، لما لها من انعكاس على شركة “توتال” الفرنسية المولجة التنقيب في المياه اللبنانية.
وفي السياق، تبدي بعض الأوساط في فرنسا تخوّفها من تدهور الأوضاع في لبنان في حال لم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الموعد الدستوري أو في حال بقي النزاع قائماً على صلاحيات الحكومة في حال الفراغ. ومردّ هذا التخوّف والحذر وفق هذه الأوساط الى وقائع عدة حددتها كالآتي:
– تدهور وضع المؤسسات العامة وانهيارها بالكامل وصولاً الى الانفلات الكامل للأوضاع في لبنان، رغم تأكيد الأجهزة الأمنية أن الوضع الأمني ممسوك.
– التباطؤ وعدم الجدية في معالجة الأزمة الاقتصادية في ظل قرار المسؤولين اللبنانيين في معالجة الأزمة بالأساليب التقليدية القديمة فقط من دون سماع النصائح الدولية، أي على “الطريقة اللبنانية”.
– الأهم والمستجدّ هو خطورة أي انزلاق أمني يغذيه تنامي الحركات الجهادية من جهة والتهديد الاسرائيلي بضرب المصالح والامتدادات أو الأذرع الإيرانية في المنطقة في حال توقيع الاتفاق النووي من جهة ثانية، إذ ان ثمة تأكيداً على الرفض الاسرائيلي لأي توسّع في النفوذ الإيراني في المنطقة.
وتخشى هذه الأوساط أمنياَ من أن يتلاقى المخطط الجهادي مع المخطط الاسرائيلي الهادفين الى ضرب “حزب الله” فيأتي ذلك على حساب لبنان. وإذ لفتت هذه الأوساط الى المقال الذي نشر أخيراً في “لوفيغارو” الفرنسية عن عودة مجموعات جهادية الى لبنان من العراق وسوريا، وربطتها بالضغط الإقليمي وبالتشنج الحاصل أوكرانياً وباعتبار بعض الأوساط العسكرية في فرنسا أن الحرب في أوروبا واقعة لا محال، والتحذير من تداعيات هذه الحرب على الشرق الأوسط وتحديداً على لبنان.
لذا، تسعى فرنسا مع الدول المعنية بأزمة لبنان الى تهدئة الأوضاع ومدّ يد العون اقتصادياً وسياسياً تجنباً لأي تصعيد ميداني أو انفلات أمني في ظل غياب اي حلول جذرية ينعكس سلباً في الداخل وعلى المنطقة وربطاً على امكان تصدير غاز بديل عن الروسي قبل حلول فصل الشتاء الى اوروبا.