أنزلوا لبنان عن صليبه وإحتكموا للدستور!…إقرأوا ما يقوله بوضوح

14 سبتمبر 2022
أنزلوا لبنان عن صليبه وإحتكموا للدستور!…إقرأوا ما يقوله بوضوح


يعود “عيد الصليب” في كل سنة ليذكّر اللبنانيين بعذاباتهم وأوجاعهم ومآسيهم المستمرة، فتراهم يزدادون تمسكا بوطنهم إيمانا منهم ان صخرة القبر لا بد لها من ان تتدحرج فيشهدون جميعا على قيامة بلدهم من جهنمه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والتربوي والاستشفائي.

والمفارقة انه في هذه الأيام، أضيفت “جهنم” جديدة الى الأنواع المعروفة من قبل الشعب على مختلف انتماءاته، وهذه “الجهنم” متمثلة في الحديث المتواصل عن الدستور ومواده، ومحاولة تفسيرها بما يرضي أهواء البعض وطموحاته.
وعلى طريق التفسيرات المتعلّقة بصلاحيات رئيس الجمهورية وانتقالها الى الحكومة وما رافقها من سيناريوهات ترسم لليلة الـ31 من تشرين الأول، ظهر النقاش حول إمكان سحب التكليف من الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة.
 فماذا يقول الدستور عن هذه النقطة بالتحديد، وهل من السهل فعلا الوصول الى سحب التكليف؟لا صلاحية لرئيس الجمهورية منفردافي هذا الاطار، يتحدث الأستاذ المحاضر في القانون في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف الدكتور رزق زغيب، لـ “لبنان 24″ مؤكدا انه : ” لا يجوز أولا سحب التكيف خلال فترة زمنية سريعة، لكن بحال تجاوز التكليف المهلة المعقولة بدون الوصول إلى التأليف بما يخالف مبدأ استمرارية السلطة العامة ويهدد استمرارية الحياة الوطنية، يمكن حينها بدء الحديث عن إمكان سحب التكليف.
 وهنا نقول ان من قام بمهمة التكليف يمكنه سحبه، وعمليا رئيس الجمهورية هو من يصدر بيان التكليف وذلك بناء على استشارات نيابية ملزمة يجريها مع مختلف الكتل الممثلة في المجلس النيابي فضلا عن النواب المستقلين.وعندما نقول ان رئيس الجمهورية باستطاعته سحب التكليف، لا نعني أنه قادر على اتخاذ القرار منفردا، فهذا النوع من القرارات جاء مقيّدًا اذ يأتي بناءً على عريضة نيابية يطلب من خلالها النواب من رئيس الجمهورية إجراء استشارات نيابية جديدة لتكليف رئيس جديد لتشكيل الحكومة.
والعريضة النيابية التي تطلب سحب التكليف يجب أن تكون صادرة عن الأكثرية النيابية حتى تأخذ بعدها الدستوري وتؤدي مفاعيلها، وبالتالي، الرجوع الى المجلس النيابي هو الإمكانية الوحيدة لسحب التكليف التي يمكن الحديث عنها بعد (اتفاق الطائف)، واي حديث خارج هذا الإطار يمكن وضعه في خانة الهرطقات الدستورية”.
ويضيف زغيب “لا بد من الإشارة إلى أنه قبل (اتفاق الطائف) كان النص الدستوري يقول ان (رئيس الجمهورية يعيّن الوزراء ويسمي من بينهم رئيسا ويقيلهم)، وعلى الرغم من وضوح هذا النص، كان رئيس الجمهورية يقوم وبطريقة غير ملزمة  باستشارات نيابية لتسمية رئيس الحكومة وبالتشاور معه يصل إلى تشكيل حكومة (هذه الخطوات تحوّلت إلى نص دستوري ملزم بعد الطائف).
واللافت أن رؤساء الجمهورية قبل الطائف لم يلجأوا إلى إقالة الحكومات أو رؤسائها، كما أنهم ابتعدوا كل البعد عن سحب التكليف من اي شخصية مكلّفة.وقد تكون المرة الوحيدة التي سحب فيها التكليف، هي في العام 1930، حين كان إميل اده رئيسا مكلفا بتشكيل الحكومة، حينها أرسل النواب عريضة إلى رئيس الجمهورية قالوا فيها أنهم لا يرغبون بالتعامل مع اده، ما أدى إلى اعتذاره.
ونورد هذا المثال لنقول أنه وعلى الرغم من أن الاستشارات النيابية قبل الطائف لم تكن ملزمة وعلى الرغم من الصلاحية المباشرة لرئيس الجمهورية في تعيين واقالة رئيس للحكومة، إلا أنه لم يقدم على هذه الخطوة الا بعد كتاب رسمي من ممثلي الشعب.
وامام ما تقدم ، نعود لنؤكد أن لا إمكانية لسحب اي تكليف بعد الطائف الا بالعودة إلى النواب، لا بل يذهب كثيرون للقول ان هناك استحالة في موضوع سحب التكليف نظرا لغياب اي نص أو مادة دستورية تشير إليه بشكل صريح، لكن وعلى الرغم من عدم ورود مواد مباشرة وصريحة، لا بد من الاشارة إلى ضرورة عدم الارتكاز فقط على النصوص، والى ضرورة البحث عن المبادىء العامة التي تقوم بتغطية الفراغات التي لم يأت على ذكرها النص الدستوري”.أسئلة برسم المعنييناذن، فان سحب التكليف من الرئيس نجيب ميقاتي بصفته رئيسا مكلفا تشكيل الحكومة، يتطلب أولا البحث في مفهوم المدة الزمنية المعقولة، فهل تخطاها ميقاتي مقارنة مع أسلافة الذين كلّفوا تشكيل الحكومات منذ العام 2005 وحتى اليوم؟
كما ان سحب التكليف من الرئيس ميقاتي يتطلب عريضة من الاكثرية النيابية، فهل فعلا يريد النواب الوصول الى هذه المرحلة؟
وفي سياق متصل، تظهر ممارسة رؤساء الجمهورية قبل “الطائف” وبعده منحازة الى الحوار والتوافق، فهل تغيّرت القواعد والاتجاهات؟
أسئلة نضعها في عهدة المسؤولين واللاعبين الأساسيين خلال هذه المرحلة، علهم يعملون بما يتوافق مع المصلحة العامة للبنانيين.