تحذيرات خارجية من مخاوف أمنية

15 سبتمبر 2022
تحذيرات خارجية من مخاوف أمنية


كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: أحياناً، يكفي تحذير أمني واحد، بناءً على معطيات ميدانية، لترتفع نسبة الاحتمالات السوداوية. وفي هذه المرحلة الانتقالية، على مشارف انتهاء عهد رئاسي وفي ظل حكومة تصريف أعمال، تكثر التحذيرات من معنيين أمنيين ومتابعين بدقّة لمجريات الأحداث السياسية والأمنية على السواء، معطوفة على إشارات خارجية بضرورة التنبّه الى خطورة الوضع الداخلي.

وتكمن الخطورة أن المشاورات في الملفين الرئاسي والحكومي تجرى تحت سقف تحذيرات مفرطة من الوضع الذي يمكن أن يصل إليه لبنان في حال فشل المفاوضات حول الملفين. حتى الآن، معلوم أن المفاوضات تجرى بين حدّين: نجاح المفاوضات للتوصل إلى توافق على شخصية رئاسية مقبولة، وإلا إخراج الحكومة في الدقائق الأخيرة من عمر العهد كأفضل الحلول السيئة لسحب الاحتقان لدى القوى السياسية التي ترفض حكومة تصريف الأعمال. لكن بين الحدّين، يظلّل سيف الخطر الأمني الكلام عن ضرورة كسر الحلقة المفرغة بين الرئاسة والحكومة والبدء بتهيئة الظروف المناسبة لإخراج – ولو أولي – للأزمة، حتى لا يكون لبنان فريسة اضطرابات وتدهور غير مسبوق، مع نصائح خارجية بالأخذ بهذه التنبيهات قبل فوات الأوان.
وإذا كانت المعطيات المتعلقة بأوضاع أمنية هي من الملفات العالقة منذ سنوات من دون معالجة جدية، إلا أن الوضع المالي المتدهور عاد ليحتل صدارة المحاذير الأمنية. منذ أسابيع، أبدى كبار المصرفيين في اجتماعات مغلقة خشيتهم من تكرار حوادث اقتحام المودعين للمصارف وعدم قدرة الأجهزة الأمنية على وقفها، ولا سيما بعد تدهور أوضاع أفراد المؤسسات الأمنية المولجة بحماية المصارف. فإذا كانت المصارف «تمون» على قادة أجهزة عسكرية وأمنية، الا أن العناصر الأمنيين والعسكريين يظهرون تضامنهم مع المودعين، ما يضاعف من قلق المصرفيين من أداء هؤلاء العناصر. لم يكن في حسبان هؤلاء أن تقع حوادث أمس بالسرعة التي كانوا يخشونها، رغم أنه في المبدأ تأخّر المودعون كثيراً في القيام بردة فعل لسحب أموالهم. لكن الخوف المصرفي معطوفاً على محاولة القوى الأمنية التحسّب لما يمكن أن يحصل، سيزيد من عوامل التوتر، على أبواب استحقاقات معيشية داهمة تضاف الى هموم اللبنانيين، مع استمرار انهيار سعر الليرة وارتفاع أكلاف المحروقات على أبواب الشتاء.
إلا أن سوء التقدير السياسي يجعل التحذير الأمني الخارجي والداخلي في واد، وتعامل القوى السياسية مع خطورته في واد آخر. حتى إن هناك من يقلّل من خطورة توسّع أيّ توتر والإصرار على التعامل مع أي حدث على أنه محصور ضمن إطار ضيق. وفي أحسن الأحوال، فإن قوى أساسية تتصرف إزاءه على أنه من عدّة الشغل الخارجية كفزاعة لكبح جماح الاندفاعات الداخلية، وليس على أساس خطورته.