كتبت زينب حمود في “الأخبار”: كان يفترض أن تنطلق أمس عملية التسجيل في الثانويات الرسمية. إلا أنّ المشهد كان يشبه إلى حد بعيد تقبّل التعازي بالعام الدراسي الجديد بدلاً من استقباله، ولو ظهرت خروقات لقرار الرابطة مقاطعة التسجيل في عدد قليل من مدارس بيروت وجبل لبنان والكثير من مدارس الجنوب والبقاع.
تسمع أن ثانوية الغبيري الثانية الرسمية للبنات تحدّت قرار الرابطة وتسجّل الطلاب، فتقصدها وفي ذهنك مشهد صاخب يحاكي أول يوم تسجيل في ثانوية رسمية يهرب إليها النازحون من المدارس الخاصة بعدما تدهورت قدرتهم الشرائية. تصعد السلالم إلى الطابق الأول مستعيناً بضوء الهاتف، كمن يصعد إلى مغارة. تصل فتجد العتمة تسكن قاعة التسجيل أيضاً، حيث تجتمع سيدات حول طاولة مستديرة وقد بدا الضجر على وجوههن. لا شيء هنا يشير إلى بداية العام الدراسي. أين هم الطلاب وأهاليهم؟
تفسّر ناظرة: “فتحنا باب تسجيل الطلاب القدامى في الصيف قبل إعلان الإضراب، ونتابع اليوم تسجيل من تبقى منهم حصراً، أما الطلاب الجدد فقد نسمح بتسجيلهم الاثنين المقبل، وبناء على قرار وزير التربية لم نبدأ تسجيل الطلاب السوريين”. مع ذلك، الهدوء في الثانوية يعود إلى حقيقة لا لبس فيها، وهي هجرة الطلاب من التعليم الرسمي إلى الخاص، تؤكد ذلك نسبة التسجيل “الصادمة”، وقد بلغت 10% فقط من مجموع الطلاب القدامى. “هناك طلاب كانوا يأتون من العمروسية والشويفات، لذلك يتوجهون إلى ثانوية رسمية أو خاصة قريبة من المنزل”. النظّار في الثانوية حضروا بناء على دعوة «مفاجئة» أمس وصلتهم عبر واتساب من المديرة. لكنهم لا يجدون ذلك يعبّر عن موقفهم، “فالأساتذة في الاعتصام ونحن جميعاً تعبنا من هذا الوضع المزري”.
تنتهي جولتنا في ثانوية رينيه معوّض الرسمية، حيث عاد بعض الأساتذة والنظّار من الاعتصام مستائين من قلّة عدد المشاركين. اجتمعوا لاحتساء القهوة. وتناقلوا الأحاديث. تارة يسخرون من “راتبهم الذي يساوي نصف أو ربع رواتب تلامذتهم”. وتارة أخرى يقسمون أنه “لا تعليم إذا بقي الوضع على حاله”.لا يؤمنون بجدوى الإضراب كوسيلة ناجحة للضغط، لكنها آخر خرطوشة بين أيديهم. “فلو أننا وجدنا عملاً آخر لغادرنا”، يعترفون. يحنّ أحدهم إلى الحركة النقابية أيام حنا غريب “عندما كان الآلاف يعتصمون عند القصر الجمهوري”، أما اليوم “أحكمت الأحزاب الخناق على هيئة التنسيق وتفككت الروابط، حتى صار تحرّك كهذا لا يشارك فيه أكثر من 200 فرد ولا ينتج منه إقفال الطريق”.