في إطار المنافسة حول المعركة الرئاسية وجملة المبادرات التي بدأت تأخذ طابعاً اكثر جدية في الاسابيع القليلة الماضية، جرى تسريب بعض المعلومات لوسائل الاعلام والتي تشير الى أن نواب “التغيير” ومعهم النواب المستقلون باتوا يتجهون الى التوافق على اسم رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع كمرشح لرئاسة الجمهورية.
هذه التسريبات بدأت تظهر علناً بعد اللقاء الذي جمع كتلة “النواب 13” مع جعجع ضمن المبادرة الرئاسية التي أطلقتها والتي تسعى الى التسويق لمواصفات رئيس الجمهورية بغض النظر عن اسمه بين كل القوى السياسية، وبعد ان اعلن احد النواب التغييريين بأن اللقاء كان من اطول اللقاءات السياسية، وألمح الى توافق مع جعجع على مختلف التفاصيل المرتبطة بمواصفات الرئيس المقبل.
فما مدى دقة كل هذه التسريبات؟
من المستبعد جداً أن يلقى اسم جعجع اجماعاً بين هؤلاء النواب باعتباره مرشحا منافسا، إذ إن ذلك يعني أن قوى التغيير قد اصطفت في جبهة واحدة وواضحة في لبنان وتورّطت في لعبة “شد الحبال” التقليدية، الامر الذي من شأنه أن يصيبها بمقتل في السياسة اللبنانيةالداخلية، لأن الاصطفاف مع قوى الثامن او الرابع عشر من آذار يضرب صدقية قوى الثورة التي بنت خطابها السياسي والانتخابي على اعتبارها “معارضة” لن تأخذ طرفاً مع أي فريق كان من السلطة ضد آخر.وبالتالي، فإن تبنّي “قوى التغيير” لجعجع، حتى وإن حصل بشكل خجول، سيؤدي الى انشقاقات داخل الكتلة لا يقوى على تحمّلها احد. من جهة اخرى فإن النواب “المستقلين” يُمسكون باكثر من مرشح جدي للرئاسة، وأبرزهم نعمت فرام وميشال معوض وهذا يعني أنهم ليسوا في وارد التنازل ودعم جعجع الذين اختلفوا معه في اكثر من دائرة خلال الانتخابات النيابية الاخيرة. لكن ذلك لا ينفي أن يقوم عدد من النواب المستقلين بترشيح جعجع انما من المستحيل أن تتسع رقعة التأييد حتى من “حزب الكتائب”.
تؤكد مصادر سياسية مطلعة أن كل ما سبق ذكره هو الاساس الذي بُني عليه التسريب والتحريف الذي يقول بأن رئيس “القوات” سيصبح محط إجماع، علماً أن التغييريين كانوا قد اعلنوا بأنهم يصرّون على شخصية رئيس مقبولة من كل الاطراف. فكيف هو الحال اذا تم الحديث عن كتلة “الحزب التقدمي الاشتراكي” الذي فتح رئيسه منذ مدة باباً واسعاً جداً مع “حزب الله” إذ يتمّ التنسيق بينهما على اعلى المستويات. ومن احدى التوافقات هي عدم وصول أي شخصية استفزازية لرئاسة الجمهورية. من هنا، يصبح الاجماع حول جعجع من قبل فريق سياسي أمراً مستبعدًاوتقول المصادر ان السعودية تعمل بشكل عام على التواصل مع جميع القوى السياسية وليست في وارد الدخول في مواجهة او القيام بمعركة رئاسية لهذا الطرف او ذاك ، هذا يبدو واضحا من التصريحات السعودية العلنية التي لا تزال تضع السعودية في موقع غير المهتم بشكل كبير بالساحة اللبنانية.وبدا لافتا اليوم التصريح الذي أدلى به جعجع بعد إستقباله للسفير السعودي وليد البخاري، وأشار فيه إلى أنه سيعلن ترشيحه للرئاسة في حال لمس إجماعًا من قبل نواب المعارضة على تسميته كمرشح لهم.