ميقاتي في نيويورك… ثلاثة ايام حافلة بالإيجابية

22 سبتمبر 2022
ميقاتي في نيويورك… ثلاثة ايام حافلة بالإيجابية


توّج الرئيس نجيب ميقاتي الايام الثلاثة الحافلة في نيويورك بكلمة ألقاها، بإسم كل لبنان، وصفت من حيث ما تضّمنته من رسائل لها علاقة مباشرة بما يحصل في لبنان، بأنها كلمة “بداية الإنفراج” على أكثر من مستوى، مع الإعتراف بأن الواقع لا يُستهان به، وأنه من الحتمية في مكان التعاطي معه بكثير من المواجهات الموضعية، من دون إغفال ما يمكن أن يقدّمه المجتمع الدولي من مساعدات لهذا الوطن الصغير، الذي يعاني منذ ما يقارب الثلاث سنوات، خصوصًا عندما تحدّث عن “أننا ببطء وحذر شديدين في حقل ألغام سياسية من أجل الوصول بالبلاد إلى برّ الأمان”. 

وهذا الإنفراج الحذر، في رأي بعض المراقبين، لمسه ميقاتي من خلال اللقاءات المهمة التي عقدها، خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأهمها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومع وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي السيدة كريستينا جورجيفا، والوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين. 
القاسم المشترك بين جميع الذين إلتقاهم ميقاتي في نيويورك هو ما أبدوه من إستعداد للوقوف إلى جانب لبنان للخروج من أزماته، وفق خطة مبرمجة تهدف إلى مساعدة اللبنانيين على إتمام إستحقاتهم الدستورية بسلاسة، بما يؤّمن نوعًا من الإستقرار النسبي، تمهيدًا لإستعادتهم بعضًا من عافية يفتقدون إليها. 
وأولى هذه الخطوات ما بذلته أكثر من جهة خارجية حريصة على إستقرار لبنان لجهة تذليل العقبات من أمام السير بالصيغة،  التي سبق أن طرحها الرئيس ميقاتي لتعويم الحكومة الحالية، مع إدخال بعض التعديلات الطفيفة عليها، بالتوافق مع رئيس الجمهورية، الذي تراجع عن إقتراحه بإضافة ستة وزراء دولة من السياسيين.أمّا ثاني المؤشرات الإيجابية فهو ما لمسه المعنيون اللبنانيون بملف ترسيم الحدود من إشارات يمكن إعتبارها إيجابية ولكنها ليست نهائية، قد تدفع إلى التوصل إلى إتفاق، ولو مبدئي، على القواسم المشتركة، التي قد تتيح للبنان فرصة الإفادة من ثرواته النفطية والغازية المدفونة في مياهه الإقليمية، من دون أن يعني ذلك المغالاة في التفاؤل، بإعتبار أن لبنان يواجه في مفاوضاته غير المباشرة عدّوًا شرسًا. 
على أن يبقى هاجس الإستحقاق الرئاسي من بين المواضيع الأكثر أهمية وإهتمامًا، وذلك نظرًا إلى ما يمكن أن ينتج عن هذا الإستحقاق من تداعيات إيجابية على صعيد التوازن اللبناني الداخلي، وما يمكن أن يتركه إنتخاب رئيس جديد للجمهورية من أجواء مريحة، أقّله لناحية إبعاد شبح الفراغ، الذي يبدو أنه سيصيب لبنان في مقتله هذه المرّة، خصوصًا أن الوضع الإقتصادي والمالي والنقدي والإجتماعي ضاغط إلى حدود لم تعد تُحتمل. 
وفي رأي بعض المتفائلين أنه إذا تشكّلت الحكومة من دون أي عراقيل تذكر، وإذا ما سارت رياح المفاوضات بما تشتهيه بيروت، فإن مشهدية الإنتخابات الرئاسية قد تتوضح أكثر فأكثر، على أن تتبلور ملامح الرئيس الجديد من خلال “سلة” توافقات لبنانية – لبنانية برعاية دولية وأوروبية وعربية.  
وكان لافتًا البيان الأميركي – الفرنسي – السعودي، الذي دعا إلى تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والإقتصادية المطلوبة في شكل عاجل، وتحديدًا تلك الإصلاحات الازمة للتوصل إلى إتفاق مع صندوق النقد الدولي. ورأى البيان أنه من المهم إنتخاب رئيس يمكنه توحيد الشعب اللبناني والعمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية للتغلب على الأزمة الحالية. ودعا إلى إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها بما يتناسب مع الدستور اللبناني.