البيان الأميركي – الفرنسي – السعودي:الطائف ورئيس يوحّد

23 سبتمبر 2022
البيان الأميركي – الفرنسي – السعودي:الطائف ورئيس يوحّد


ترصد الأوساط المعنية الأيام القليلة المقبلة لمعاينة المعطيات غير المعلنة للتحركات الديبلوماسية الكثيفة التي جرت في نيويورك حيال الاستحقاقات اللبنانية تزامنا مع مشاركة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في افتتاح اعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة والتي كان للاستحقاق الرئاسي منها الحيز الأساسي سواء في المحادثات المغلقة ام في البيانات العلنية التي كان ابرزها البيان الأميركي – الفرنسي – السعودي المشترك الذي صدر اول من امس، بحسب ما كتبت” النهار” .

اضافت”وتبعا لهذه “المظلة” الدولية الثلاثية التي تشكلت للدفع بنحو ملموس لاتمام الاستحقاق الرئاسي ضمن المهلة الدستورية يتوقع ان تتصاعد وتيرة التحركات السياسية والنيابية المتصلة بالسعي الى بلورة الترشيحات الرئاسية الجادة ولو ان هاجس الشغور الرئاسي لا يزال يبدو الاحتمال الأكثر ترجيحا من معظم القوى الداخلية . ومع ذلك فان تصاعد وتيرة اطلاق مواقف خارجية ودولية حيال الاستحقاق بدات تحدث اثرا معاكسا وهو اثر مماثل للموجة الديبلوماسية الخارجية الواسعة التي اطلقت عشية الانتخابات النيابية الأخيرة في أيار الماضي ولعبت دورا مؤثرا في انجاز الاستحقاق النيابي . وتقول الأوساط المعنية ان الأسبوع المقبل سيشكل محطة أساسية في بلورة الاتجاهات لثلاثة استحقاقات أساسية متزامنة وتضع البلاد تحت وطأة تأثيراتها دفعة واحدة وهي : بت مصير الملف الحكومي بعد عودة الرئيس ميقاتي من نيويورك واستكمال جلسة إقرار الموازنة الاثنين المقبل . وجلاء مصير مبادرة “النواب التغييريين” في جولتهم الثانية على الكتل النيابية لاستمزاج الجميع حيال مجموعة أسماء لمرشحين للرئاسة . وبلوغ ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل المرحلة ما قبل النهائية في بته في ظل توقع ان يرسل الوسيط الأميركي في ملف الترسيم البحري آيموس هوكشتاين النسخة النهائية لتصور اتفاق الترسيم الى لبنان وإسرائيل في الأيام القليلة المقبلة.

وتبعا لذلك تتبعت القوى والاوساط المحلية باهتمام البيان الثلاثي الذي صدر باسم وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية والذي يمكن تسليط الأضواء على ثلاث نقاط أساسية طبعت توجهاته وتكتسب دلالات بارزة . فالبيان شدد أولا على اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري . ثم شدد ثانيا ، وهنا الأهم ، على تحديد مواصفات معينة للرئيس المنتخب بحيث “يمكنه توحيد الشعب اللبناني ” وهي نقطة لافتة في موقف مشترك للدول الثلاث . واما النقطة البارزة الثالثة فتمثلت في عدم اهمال البيان التشديد على احترام الطائف الذي عاد يتصدر بشكل لافت أخيرا الادبيات الديبلوماسية والدولية حيال لبنان . وجاء في البيان الثلاثي : “اجتمع يوم الأربعاء 21 / 9 / 2022 على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ممثلون من الولايات المتحدة الأميركية ، والجمهورية الفرنسية، والمملكة العربية السعودية، لمناقشة الملف اللبناني، وقد صدر البيان التالي عن وزراء خارجية هذه الدول الثلاث:

عبر الوزراء عن دعم بلادهم المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، ومع استعداد البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، شدد الوزراء على أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد وفق الدستور اللبناني، وانتخاب رئيس يمكنه توحيد الشعب اللبناني ويعمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لتجاوز الأزمة الحالية. ودعا الوزراء إلى تشكيل حكومة قادرة على تطبيق الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية اللازمة لمعالجة الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، وتحديداً الإصلاحات الضرورية للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.كما عبر الوزراء عن استعدادهم للعمل المشترك مع لبنان لدعم تنفيذ هذه الإصلاحات الأساسية التي تعد حاسمة لمستقبل الاستقرار والازدهار والأمن في لبنان. كما أكدوا على دور القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي اللبناني المسؤولَين عن حفظ سيادة لبنان واستقراره، مع أهمية استمرارهما بالقيام بدور أساسي في حماية الشعب اللبناني في ظل أزمة غير مسبوقة.وأكد الوزراء ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بتنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن (1559) و (1701) و (1680)، (2650) والقرارات الدولية ذات الصلة بما في ذلك تلك الصادرة من جامعة الدول العربية، والالتزام باتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان”.وكتبت” اللواء”: العبرة في نقطة واحدة: خارطة الطريق واضحة: لا تعاطٍ دولي وعربي، وحتى اقليمي ايجابي وداعم وعملي للبنان ما لم يلتزم بمواعيد الاستحقاقات الدستورية، وفي مقدمها انتخاب رئيس قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، والانتقال الى تأليف حكومة قادرة على الالتزام بنظام الاصلاحات وتحييد لبنان عن الصراعات الجارية في المنطقة، واعادته الى محيطه العربي، لتوفير ما يلزم من دعم ومساعدات.وهذا ما عكسه بصراحة البيان المشترك السعودي- الاميركي- الفرنسي، الذي قرأ فيه سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد بخاري، بأنه ينطوي على رسالة مفادها: اتفاق الطائف هو المؤتمن على الوحدة الوطنية، وعلى السلم الاهلي في لبنان.ونقلت المصادر عن ديبلوماسيين مهتمين بالوضع اللبناني، ان أهمية انتخاب رئيس جديد للجمهورية تتقدم على مطلب تشكيل حكومة جديدة، باعتبار ان انتخاب الرئيس، يعني استقالة الحكومة الجديدة او حكومة تصريف الأعمال فورا، والدعوة لتشكيل حكومة بداية العهد. ولذلك وبدلا من تشتيت الجهود المبذولة واضاعة الوقت سدى، فإن الذهاب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يبقى الخيار المفيد للبنان، والاقل كلفة من التلهي بتشكيل حكومة جديدة، عمرها محدود وحركتها، لا يمكن أن تفي بمتطلبات حل الأزمة القائمة، والتعاطي مع الدول العربية الشقيقة والمجتمع الدولي كما تستطيع حكومة العهد الاولى، التي ستتحرك بزخم اقوى وفاعلية أوسع.واعتبرت المصادر انه لا بد من انتظار عودة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى بيروت للإطلاع منه على فحوى مواقف الرؤساء والمسؤولين الدوليين الذين التقاهم في نيويورك، لمعرفة ما اذا كانت اولويات تشكيل الحكومة الجديدة، ماتزال على حالها، ام ان الجهود ستتركز على تذليل العقبات لتسريع الخطى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اولا، على ان يتم بعد ذلك تشكيل الحكومة الجديدة بعد تسلم الرئيس الجديد لمهماته رسميا. واشارت الى ان المواصفات التي حددها البيان الثلاثي المشترك لرئيس الجمهورية الجديد، تتطابق بمعظمها مع المواصفات التي يراها العديد من الاطراف السياسيين والمرجعيات الدينية، ما يعني في الخلاصة الى استبعاد الشخصيات الاخرى، التي لا تتوافر فيها مثل هذه المواصفات من السباق للرئاسة الاولى، كما الى استبعاد دعم أي منها في حال خوضها للانتخابات.وكتبت” الديار”: توقفت مصادر دبلوماسية امام البيان الثلاثي المشترك حول لبنان، ورات فيه صيغا انشائية دون اداة تنفيذية مؤثرة في الاحداث، لكن اللافت في مواصفات الرئيس المقبل اقرار بعدم القدرة على ايصال رئيس مواجهة لحزب الله وحلفائه، ودعوة صريحة للوصول الى رئيس «تسوية» وذلك بعد ايام على دعوة السيد حسن نصرالله الى الحوار للتفاهم على الاستحقاق الرئاسي، وهذا قد يفتح «الباب» امام نقطة تلاق يمكن البناء عليها اذا «صفت النوايا» لدى الجميع. وهذا يشير بوضوح الى تقدم النظرية الفرنسية القائمة على استمرار الحوار مع الحزب كونها الوسيلة المثلى للوصول الى تفاهمات داخلية وربما اقليمية بعدما فشلت سياسة المواجهة السعودية- الاميركية.