ناريمان وميري فتاتان لبنانيتان جامعيتان، لكنهما لا تعملان على أساس تخصصهما، إنما في إعداد المخبوزات، في قصة تختزل واقع لبنان الصعب، الذي يعاني من أزمة اقتصادية صعبة تبخرت معها قيمة رواتب العديد من الوظائف.
قصة فرن مغدوشة
قدمت اللبنانية ناريمان الناشف إلى عالم المخبوزات من عالم تدريس اللغة العربية، بمساعدة الشابة العشرينية طالبة الجامعة ميري متّى، التي التحقت بها لإعداد المخبوزات بدلا من التحاقها بمقاعد السنة الثانية من اختصاص الأدب الإنجليزي أيضا في الجامعة اللبنانية الوطنية.تقول الطالبة ميري: “حاولت منذ عامين إتمام عامي الجامعي دون نتيجة، والسبب الإضراب المفتوح في كليات الجامعة اللبنانية الذي طال أمده”.
وتُضيف: “وجدت نفسي بحاجة إلى العمل، التحقت بفرن قريب من المنزل وهدفي من ذلك تأمين راتب شهري”.وتتابع: “دخلت الفرن كمحاسبة على الصندوق سرعان ما صرت اهتم بأمور أخرى لاحقا، منها الاهتمام ببيت النار وبإعداد العجينة وخبزها”.وتقول: “حللت مكان عامل الفرن الوحيد الذي كان برفقتنا في المكان لإنقاذ الفرن من الإقفال بالتعاون مع صديقتي ناريمان الناشف”.الأزمة لم تترك خيارامن جانبها، قالت المعلمة ناريمان الناشف ابنة بلدة مغدوشة جنوبي لبنان: “إنني معلمة لغة عربية في إحدى مدارس المنطقة، حاصلة على إجازة في الأدب العربي، ولكن للأسف الأزمة المعيشية لم تترك لنا خيارات كثيرة، وراتب المعلم بلا قيمة، ما دفعني الى العمل في فرن يعود الى ابن عمي”.وتضيف ناريمان: “في البداية كنت أساعد في إعداد المنقوشة في المطبخ وكان الشاب معنا يدير المهام الصعبة أمام الفرن وبيت النار”.
وتلمس الشابتان التشجيع المطلق من أبناء بلدتهم مغدوشة ومن الزبائن خصوصا في هذه الظروف الصعبة التي عصفت بالقطاع التعليمي والتربوي في لبنان جراء الأزمة.وتتابع ناريمان: “بداية كنت أخشى التعرض للتنمر إلا أن الواقع أتى عكس ذلك مما شجعنا على الاستمرار”.وعن المعوقات تبتسم قائلة: “وحده سيخ الحديد الذي نخرج بواسطته المنقوشة من الفرن بحاجة لقوة، عضلاتنا الضعيفة نجاهد بصعوبة لنتمكن من إدخاله وإخراجه إلى الفرن”.وتختم ناريمان حديثها: لا وقت للتفكير بالتخلي حاليا عن الفرن في ظل غياب أي بارقة أمل للعودة إلى التعليم وخاصة عدم تقاضي الرواتب فلا أمل لدي ولو ببادرة خير تردنا من الجهات المعنية بالأمر”.