هذا هو النصاب الواجب توافره لانعقاد جلسة انتخاب الرئيس

30 سبتمبر 2022آخر تحديث :
هذا هو النصاب الواجب توافره لانعقاد جلسة انتخاب الرئيس


بعدما تصدّر الاستحقاق الرئاسي المشهد السياسي، وبرزت، بالتالي، إشكالية النصاب القانوني المطلوب لإتمام جلسة الانتخاب، يُثار التساؤل الآتي: كيف يمكن تفسير النصوص الدستوريّة في هذا الصدد؟
وبحسب ما يقول الأستاذ الجامعي المتخصّص في القانون الدستوري وتاريخ الفكر السياسي وسام اللحام لـ”الاخبار”: “هذه الإشكالية لم تبرز بوضوح خلال الانتداب الفرنسي والفترة الأولى من الاستقلال كون النواب كانوا يشاركون دائماً بغالبيتهم الساحقة في جلسة الانتخاب، ما يعني أن طريقة احتساب الغالبية لم تكن تطرح نظراً لعدم إثارتها أي مشكلة تطبيقية”. لكن نتيجة تبدل الأوضاع وانسحاب الجيش السوري بات الدستور يطوّع لخدمة الأحزاب السياسية، فتعطل متى تشاء”، لافتاً إلى أن المادة 49 من الدستور واضحة: “ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الانتخاب التي تلي”، موضحاً أن “الدستور لا يشير إلى ضرورة تأمين نصاب الثلثين من عدد أعضاء مجلس النواب الـ128 لانعقاد الجلسة، بل إن نصاب الانعقاد النصف زائد واحد. أما غالبية الثلثين المطلوبة للفوز في الدورة الأولى، فهي ليست ثلثيّ العدد الإجمالي لأعضاء مجلس النواب بل ثلثيّ عدد مجلس النواب الحاضر والمصوّت بأوراق صحيحة بحسب النصّ الدستوري (أي من دون الأوراق البيضاء والملغاة). وما اعتماد ثلثيّ العدد الإجمالي كما حصل أمس سوى في إطار المصلحة السياسية وعدم السماح للمؤسسات بالقيام عملها والحكم بشكل ديموقراطي لاستبدالها بما يسمى توافق الغرف السوداء”. ينسحب الأمر على الادعاء بضرورة الإبقاء على الثلثين في الدورة الثانية لانتخاب رئيس بالأكثرية المطلقة. وباعتبار بري أن هذه الجلسة كأنها لم تكن، فيعمد خلال الجلسات اللاحقة إلى البدء من جديد من دون اعتبار الجلسة الأولى “دورة قانونية مسجلة بالمحضر مما يفرض عليه البدء من الدورة الثانية”. ويسأل لحام: “لنفترض أن نصاب الجلسة الأولى الثلثين من الكل تبعاً لقولهم إن الفوز يحتاج إلى ثلثين، إذاً لماذا لا يكون نصاب الدورة الثانية الغالبية المطلقة بالاستناد إلى إفتائهم أن الفوز في هذه الدورة يحتاج إلى الغالبية المطلقة أي 65 نائباً ولماذا عدم تطبيق المعادلة الأولى على الثانية؟”، عدا عن أن النص الدستوري يقول إن الأوراق الملغاة والبيضاء لا تدخل في حساب الغالبية، وهو ما لم يذكره بري خلال تعداده للأوراق.

ويقول الاستاذ الجامعي المتخصّص في القانون الدستوري جهاد اسماعيل في مقال نشرته”الاخبار”:إنّ القول بضرورة توافر نصاب خاص لانتخاب رئيس الجمهورية كي يعكس إرادة تمثيلية كبيرة، يُدحض من مسألتين:
1- تشترط المادة 49 من الدستور لانتخاب رئيس الجمهورية، ولو في الدورة الأولى، غالبية الثلثين، والأغلبية المطلقة في الدورات المتتالية، وهو حرصٌ واضح من المشرّع الدستوري على انتخاب رئيس الدولة بإرادة نيابيّة موصوفة، ويفوق حرص القائمين على تطبيق نصوص الدستور.
2- انتخاب رئيس الجمهورية، عملاً بأحكام الدستور اللبناني، من قِبل مجلس النواب لا من الشعب، وبالتالي إن ربط التلازم بين النصاب الخاص والإرادة التمثيليّة، يعني إضفاء الشرعيّة على القول بأن مهمة انتخاب رئيس الجمهورية منوطة بالأكثرية النيابيّة فقط لا بمجلس النواب برمّته، حيث يعكس فرزاً واضحاً للمجلس لم يخطّط المشرّع على إتمامه، ما دامت أكثرية المجلس ستنتخب الرئيس، ولا سيّما أن اعتماد أكثرية “الثلثين” في تحديد النصاب قد يعطّل عملية الانتخاب نفسها، ويغيّر من هوية النظام السياسي الديموقراطي المكرّس في مقدمة الدستور، لأنه سيعطي الأقليّة الإمكانيّة في تعطيل جلسة “الانتخاب” بمجرد عدم حضورها، حينئذٍ يتم تعطيل أحكام المواد 49، 73، 75 من الدستور بذريعة فرضيّة دستوريّة لم يلحظها المشرّع الدستوري على الإطلاق..
لذلك، وخلافاً للمنطق الدستوري السليم، فإذا كانت الاعتبارات الطائفيّة قد أملت اعتماد أكثرية “الثلثين” لتأمين النصاب القانوني لانتخاب رئيس الجمهوريّة، فالاعتبارات نفسها تدعو، من دون إبطاء، إلى الانتخاب في المواعيد الدستوريّة، حفاظاً على التركيبة الطائفيّة من جهة، والتزاماً بأحكام الدستور من جهة ثانية، على اعتبار أن “النصاب القانوني”، في كثيرٍ من الأحيان، كان ذريعةً لتعطيل واجب النواب في انتخاب رئيس الجمهورية… 

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.