فور إنتهاء الجلسة الأولى لانتخاب رئيس الجمهوريّة الجديد، إنطلقت المشاورات بين أطراف “المعارضة” للاتّفاق على إسمٍ جامعٍ، ومحاولة الالتفاف حول النائب ميشال معوّض، ودعمه كيّ ينال 65 صوتاً في الدورة الثانيّة. ويقول مراقبون إنّ النائب الشماليّ سينطلق من 40 صوتاً في الجلسة المقبلة، مُعوّلاً على نواب “الجمهوريّة القويّة” و”اللقاء الديمقراطيّ” و”الكتائب” و”تجدّد”، إضافة إلى بعض المستقلّين، الذين أعلنوا عن إستمرارهم بترشّيحه، لما يحمله من صفات “سياديّة”، فيما تكثر الإتّصالات بين معراب والصيفي ونواب “الإعتدال الوطنيّ”، في مسعى لتأمين أصوات إضافيّة لرئيس “حركة الإستقلال”.
أما المعضلة الأساسيّة في صفوف “المعارضة”، فتبقى عدم التقاء كافة مكوّناتها على معوّض أو سليم إده. ويقول مراقبون إنّ نواب “التغيير” أطلقوا مبادرتهم الرئاسيّة كيّ ينطلقوا منها، ما يعني أنّهم يرفضون مرشّح “التحدي”، ويبحثون عن شخصيّة وسطيّة قادرة على جمع فريقيّ الثامن والرابع عشر من آذار، وتتشاطر الرؤية الإقتصاديّة معهم. في المقابل، ترى معراب أنّ معوّض شخصيّة “سياديّة”، وفي الوقت عينه قادر على لعب دور مهمّ في الحياة السياسيّة والإقتصاديّة في المرحلة المقبلة، غير أنّ هناك إنقساماً كبيراً داخل “المعارضة”، وإستحالة بوصول رئيس “حركة الإستقلال”، فإلى جانب نواب “المجتمع المدنيّ”، لا يزال موقف نواب صيدا – جزين الثلاثة غير محسوم لصالح معوّض، كذلك، بالنسبة لبعض النواب المستقلّين.
ويُضيف مراقبون أنّ إجتماعات “القوّات” و”الكتائب” تُركّز حاليّاً على نواب “الإعتدال الوطنيّ”، لما يُشكّلونه من “بيضة قبان”، وعدد وازن لترجيح فوز أيّ مرشّح. وبينما يُسوّق نواب “الجمهوريّة القويّة” لمعوّض، كان لافتاً منذ يومين لقاء النائب سامي الجميّل مع نواب الشمال السنّة، حيث أكّد المجتمعون أنّ الإتّفاق على مرشّح يُوحّد “المعارضة” أهمّ من الأسماء. ورأت أوساط سياسيّة أنّ هناك إنفتاحاً لإيجاد مرشّح جديد قادر على جمع نواب “المعارضة”، من هنا، توسّعت دائرة الإتّصالات، فيقوم كلّ طرفٍ بطرح مرشّحه، على أنّ تحسم الكتل موقفها النهائيّ قبل الجلسة النيابيّة المقبلة. كذلك، فإنّ رئيس الحزب “التقدميّ الإشتراكيّ” وليد جنبلاط أبدى إستمراره بدعم معوّض، إلّا أنّ المراقبين يقولون إنّ “زعيم المختارة” هو سيّد التسويّات، ولا شيء يمنعه من البحث بأسماء أخرى أكثر وسطيّة.
وترى أوساط معارضة أنّ تحقيق الإجماع حول إسم معوّض صعبٌ في الجلسة الثانيّة لانتخاب الرئيس، وربما يتأمن النصاب مع إرتياح نواب الثامن من آذار من أنّ “المعارضة” لا تزال مشتّتة وغير قادرة على إيصال مرشّحها وحيدة. ويعتبر مراقبون أنّ سيناريو الجلسة الأولى قد يتكرّر في 13 تشرين الأوّل، ويُفقد النصاب في الدورة الثانيّة، للتأكيد من جديد على أنّه من دون التوافق، لا يُمكن إنتخاب رئيسٍ جديدٍ.
ويُشير مراقبون إلى أنّ “المعارضة” تعمل في العلن، وتكشف عن وقائع الإتّصالات التي تجريها بين أفرقائها، فيما نواب “الثنائيّ الشيعيّ” وحلفاؤهم يعملون بصمتٍ، وبعيداً عن الإعلام. ومن ناحيتهم، لا مرشّح حتّى اللحظة، فيما تعتبر أوساط سياسيّة أنّ رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة يظلّ الشخصيّة الأولى المدعومة من “حزب الله” و”حركة أمل”. وترى الأوساط أنّ عمل فريق الثامن من آذار بهدوءٍ، على الرغم من الخلافات الموجودة داخل صفوفه، سيُشكّل مفاجأة لنواب “المعارضة” في كلّ جلسة إنتخاب. ويلفت المراقبون إلى أنّه من الممكن أنّ يُؤمّن نواب “الممانعة” نصاب الثلثين، وربما لا، لفرض التحاور معهم، في ظلّ إستمرار “المعارضة” التنسيق في ما بينها فقط.
ويحسم مراقبون أنّه من دون أنّ يكون “الحزب” طرفاً جدّياً في لعبة الأسماء، فلن يكون هناك من رئيسٍ في المدى المنظور، فـ”القوّات” لن تستطيع مع حلفائها إذا نجحت بتوحيدهم حول ميشال معوّض، تأمين 86 نائباً. ويُذكّر المراقبون أنّ لا أغلبيّة نيابيّة بالمعنى الحقيقيّ لأيّ فريقٍ سياسيٍّ، كيّ يقوم بفرض مرشّحه على الطرف الآخر. من هذا المنطلق، دعا رئيس مجلس النواب نبيه برّي للتوافق، وأنّ يكون رئيس الجمهوريّة المقبل جامعاً لكافة الكتل النيابيّة، لتخفيف الإحتقان السياسيّ، والعمل على معاجلة المشاكل الإقتصاديّة.