كتب صلاح سلام في “اللواء”: بين ليلة وضحاها طارت فرحة الترسيم، وبقيت هواجس التفخيخ لإتفاق لن يبصر النور، على الأرجح، قبل الإنتخابات الإسرائيلية.
الإعتراض الإسرائيلي على الملاحظات اللبنانية لم يكن مفاجئاً، لأن حدة الصراعات الإنتخابية على أشدها بين الأحزاب الإسرائيلية، وذئب التطرف الصهيوني نتانياهو يستعد للإنقضاض مرة أخرى على رئاسة الوزارة، ونسف كل سياسات الإدارة الأميركية الحالية في التهدئة، وطروحات حل الدولتين، فضلاً عن التركيز على إتفاق الترسيم، وإطلاقه الشعار الشعبوي الملغوم: لبيد إستسلم لشروط نصرالله.
تعليق البحث بالإتفاق إلى ما بعد الإنتخابات الإسرائيلية، يعني تفويت الفرصة الأخيرة أمام الرئيس ميشال عون وفريقه، للإدعاء بتحقيق «إنجاز تاريخي». وإدخال لبنان إلى نادي الدول النفطية، كما راح يُطبّل النائب ايلي أبوصعب، موجهاً أسمى آيات الشكر والعرفان بالجميل للرئيس عون والصهر العزيز باسيل، لتكليفهما له بملف الترسيم، مع تنويه خاص بإقتراح باسيل إسمه بتولي هذه المهمة.
المسألة تتجاوز حسابات زواريب السياسة المحلية الضيقة، وأساليب التشفي والكيدية للعهد وفريقه، لأن تداعيات تأجيل التوقيع على إتفاق الترسيم مع العدو الإسرائيلي، يعني تأخير بدء لبنان بإستغلال ثروته النفطية، وإطلاق ورش التنقيب، مما سيزيد الأوضاع الإقتصادية تدهوراً، ويُباعد المسافة مع صندوق النقد الدولي والدول المانحة، خاصة في ظل العجز المستمر عن تلبية شروط الصندوق وتحقيق الحد الأدنى من الخطوات الإصلاحية المالية والإدارية.
يُضاف إلى كل ذلك، أن عدم توقيع الإتفاق في هذه الفترة، يُبقي أبواب التوتر الحدودي مفتوحة على مصراعيها، وإن كانت إحتمالات الحرب أو حصول مواجهة عسكرية مستبعدة، عشية الإنتخابات الإسرائيلية المفصلية في الأسبوع الأول من الشهر القادم، وكلفتها الأمنية والبشرية المكلفة على الكيان الصهيوني.
المشكلة أن إفلاس المنظومة الحاكمة وصل إلى حد التلهي عن الإنهيارات المستمرة في الأوضاع المالية والإجتماعية والمعيشية، ويتبادلون المناورات السخيفة والأنانية في الملف الحكومي، غير عابئين بالمعاناة التي تتزايد يوماً بعد يوم وتهدد حياة الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، الذين لا يتورع بعضهم عن ركب قوارب الموت هرباً من جهنم أهل الحكم الفاسدين والفاشلين!