كتب جورج شاهين في” الجمهورية”: لم يعد خافياً على أحد حجم القدرات التي وضعتها واشنطن لتجنّب إصابة المفاوضات الجارية في شأن الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل بأيّ نكسة. وقد برز ذلك عندما لجمت “الطحشة” الاسرائيلية التي برزت الخميس الماضي رفضاً للتعديلات اللبنانية على اقتراحات الوسيط عاموس هوكشتاين غداة اجتماع المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغّر الى ان نجحت في إعادة ترميمها في خلال ثلاثة ايام من المفاوضات الشاقة.
تبلّغ هوكشتاين بوضوح ان الملاحظات اللبنانية لا يجب ان تثير اي رد فعل سلبي ممّن انغمسوا في المفاوضات بحرفيتها، خصوصاً بعدما تبلّغ المفاوضون اللبنانيون الموافقة الاسرائيلية على ما انتهت اليه مقترحات هوكشتاين. مع تأكيد على اهمية حماية المصالح اللبنانية مُستقبلاً منعاً لأي تفسير قد تؤدي اليه بعض العبارات “الغامضة” أو “المطّاطة” على حد سواء، والتي لا يتحمل لبنان ان يكون ضحيتها في حال تغيرت آلة الحكم في اسرائيل بين حكومة تصريف اعمال تستعد لانتخابات تشريعية وأخرى تؤدي اليها هذه المحطة الدستورية قياسا على حجم تهديدات نتنياهو ان فاز بها، وتأكيد نيته المعلنة بإسقاط أي اتفاق يمكن ان تصل اليه حكومة غريمه لابيد.
امام هذه الصورة التي فوجئ بها الوسيط الاميركي قبل غيره من المراقبين الاقليميين والدوليين تدخلت الادارة الاميركية على قاعدة ان ما يجري في اسرائيل من ضجيج اعلامي وعسكري وامني ونفطي لا يمكن اعتباره موقفا نهائيا لا عودة عنه. وبعدما استعجَل بفتح خطوط اتصالاته مع البلدين متمنياً وقف الجدل في انتظار تبادل الآراء مما هو مطروح منعاً لأي انفجار محتمل، تراجعت حدة المواقف حتى في الداخل الاسرائيلي. وتزامناً مع صمت حكومي استؤنف الحوار مع واشنطن وتراجعَ وزير الدفاع عن مواقفه الحادة تاركاً الباب مفتوحاً أمام الديبلوماسية الاميركية.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، وبعد تطمين الجانب اللبناني الى ان عمليات الضخ التجريبي من البر في اتجاه منصة كاريش يوم أمس الأول هي الاولى من نوعها، ولا معنى لها في مفهوم استخراج الثروة لتكون سبباً في التوتر، انشغل هوكشتاين ومعه فريق من القانونيين وخبراء الحدود في مشاورات مفتوحة استغرقت بعد ظهر الجمعة مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب مدة 6 ساعات ونصف قبل ان تستنفد 5 ساعات تقريبا السبت الماضي وانتهت الساعات الأربع الأحد بالاتصال الذي أجراه برئيس الجمهورية ميشال عون مبشّراً باختتام المفاوضات واعداً بالصيغة النهائية التي من المفترض ان تكون قد باتت منذ امس على طاولة المفاوضين اللبنانيين ليُبنى عليها موعد اللقاء المحتمل ان دعت الحاجة اليه بين رئيس الجمهورية وكل من رئيسي مجلس النواب والحكومة في الساعات المقبلة.