كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: منذ أن صدر البيان الثلاثي الأميركي – الفرنسي – السعودي من نيويورك، الشهر الماضي، بات الدور الفرنسي تحت المعاينة المباشرة، أكثر من ذي قبل، نظراً إلى التحول الذي ظهر في البيان في موقف فرنسا المنسجم مع السعودية والولايات المتحدة، إذ أتى بعد مرحلة تباين في قراءة الرياض وواشنطن للوضع للبناني مع باريس التي تنحاز إلى فكرة الحوار مع حزب الله ونسج حوارات مباشرة مستمرة معه. واعتبر تلاقيها مع الرياض وواشنطن تحولاً جذرياً في سياستها اللبنانية، التي يقودها فريق الإليزيه، ودبلوماسيتها في بيروت.
Advertisement
إلا أن معلومات تحدّثت أخيراً عن أن السعودية وواشنطن تنظران إلى الموقف الفرنسي من وجهة نظر مغايرة. فباريس أظهرت للبلدين أنها منسجمة معهما بالكامل، وأن موافقتها على بيان يحمل انحيازاً واضحاً في ما يتعلق باتفاق الطائف والقرارات الدولية، يأتي تبدلاً في مواقفها السابقة الأكثر حياداً. إلا أن ما تبيّن لهما، وفق المعلومات، أن باريس تسعى إلى إظهار شراكتها مع الطرفين المعنيين، بغية جرّهما – ولا سيما السعودية – إلى موقفها من الوضع اللبناني، بدل أن تتكامل معهما في رؤيتهما. فهي تعمل على كسب الرياض في نظرتها إلى لبنان سياسياً واقتصادياً، رغم أنها لم تنجح منذ زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمملكة وزيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لفرنسا إلا في الحصول على تأييد لمساعدات إنسانية. لكنها اليوم، على أعتاب انتخاب رئيس للجمهورية الذي لا يمكن أن ينجح إلا بعد إحاطته بمشروع اقتصادي، عبر صندوق النقد أو غيره، ترى أن الدور السعودي مالياً واقتصادياً هو المحفّز الأول المساعد لمشروع رئاسي متكامل.
في هذا الوقت، ووفق المعلومات، فإن باريس مستمرة في حوارها مع حزب الله «حول الملف الرئاسي وبعض الملفات الأمنية الحساسة»، وتعمل في شكل مباشر على التنسيق معه في مخرج رئاسي يحفظ الوضع الداخلي في مرحلة دقيقة إقليمياً. وإذا نجحت في استقطاب السعودية لدعم خطتها، سياسياً ومالياً، فإنها تعتبر أنها ستحقق إنجازاً مهماً في سياستها الخارجية. ولا تريد باريس تخطي حزب الله في الملف الرئاسي أو الأمني، ولذا تحاول وضع بعض الأسماء على طاولة النقاشات، من أجل تقديمها كمرشحين توافقيين يمكن تحقيق إجماع عليهم.