إنجاز وطني بعيد المنال وخارج الاستثمار السياسي

12 أكتوبر 2022
إنجاز وطني بعيد المنال وخارج الاستثمار السياسي


من حق اللبناني الاحتفاء بالترسيم البحري كونه بارقة امل بالتنقيب عن الغاز والنفط بعد سنوات عجاف، غير ان الثروة النفطية ليست الترياق المطلوب للحد من الانهيار الشامل، بقدر تأمين مقومات الدولة القادرة والقوية، ما يتنافى مع مجمل السلوك السائد حاليا.
 
خارج منطق التوظيف السياسي، يمكن القول بأن لبنان حافظ على حقوقه، وهذا انجاز وطني، يندرج في إطار الواجب عند كل مسؤول في حال أردنا دولة قادرة راعية لجميع المواطنين، لكن ما برز خلال الساعات الماضية من رعاية في السياسة والاصرار عن سلوك المماحكات لا يبشر بالخير، فالمواطن يبحث عن ساعات كهرباء بعدما حرمته سياسات خرقاء ابسط  حقوقه الطبيعية.
 
من هنا ، تبرز نوايا مبيتة لناحية المبالغة في موضوع الترسيم كونه فرصة وليس علاجا ناجزا، فالقوى السياسية ذاهبة نحو فشل ذريع في انتخاب رئيس جمهورية ضمن المهلة الدستورية ، ولا ينبغي التعمية على هذه الحقيقة، ذلك أن الشغور والتعطيل باتا سمة الدولة وادائها ما يجعلها قاصرة وضعيفة، لذلك يبرز الهاجس الكبير بضرورة تحصين منطق الدولة من أجل الحفاظ على الثروة النفطية، وليس إدخال عامل استراتيجي في الزواريب الضيقة.
 
لذلك تستحضر مرجعية سياسية ونيابية تجربة مصر في التنقيب عن الغاز، حيث استمرت المحاولات لفترات طويلة حتى الوصول إلى استخراج كميات كافية من الغاز، وعليه تشهد مصر قفزات تنموية غير مسبوقة، فالفرصة متاحة حاليا أمام لبنان، لكن مع ضوابط وشروط ينبغي وضعها خصوصا و ان تجارب السنوات الماضية غير مشجعة.
 
ضمن “رؤية 2030” لولي العهد السعودي يكمن عامل اساسي في تأمين موارد مالية خارج عائدات النفط لزيادة النمو ما يجعل السعودية رائدة عالميا. المعلوم بأن نهضة السعودية الحديثة حققت رخاء إقتصاديا منقطع النظير، ورغم ذلك يعمد الجيل الجديد الى التميز والبحث عن عوامل ومقومات جديدة للنمو.
 
من هنا يتساءل اكثر من مسؤول  سياسي عن خطة الدولة اللبنانية، اذا دخلت نادي النفط والغاز، لاستعادة الادمغة المهاجرة التي قدرت بعشرات الالاف في السنوات الأخيرة، وعن كيفية ترشيق إدارات الدولة وجعلها منتجة وفعالة بدل الترهل السائد، حتى لا يصبح لبنان مثال الجهل والتخلف والفقر، وكذلك الأمر بالقدرة على إمكانية جذب الاستثمار كما فعلت الإمارات في عمق الخليج لتصبح وجهة استثمارية رائدة عالميا.
 
انطلاقا من ذلك، تشدد أوساط سياسية على صرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي، كما تشكيل حكومة ولو في اللحظات الأخيرة من عهد الرئيس عون، من باب انتظام عمل الدولة كأولوية في هذه المرحلة. فادارة الثروة الطبيعية لا تكون على هذا القدر من الخفة، بل بالمثابرة والعمل على إعادة لبنان إلى موقعه المتقدم وانتشاله من العتمة الشاملة السائد حتى شعار آخر نتيجة النكد السياسي.