قرر تحالف أوبك+، الذي يضم أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بقيادة السعودية وعشر دول أخرى منتجة للنفط تقودها روسيا، الاسبوع الماضي، خفض الإنتاج بواقع مليوني برميل يومياً في تشرين الثاني، ما يهدد بارتفاع الأسعار.
هذا القرار أثار موجة استياء بين أعضاء الكونغرس الأميركي نظرا لما له من تداعيات سياسية واقتصادية سلبية على الولايات المتحدة وحلفائها والدول المستهلكة للنفط على حد سواء. اذ أعلن متحدث باسم البيت الأبيض أمس أن الرئيس جو بايدن يريد “إعادة تقييم” علاقة واشنطن مع الرياض، بينما دعا نواب نافذون إلى وقف عمليات تسليم الأسلحة للسعودية. من جهتها، اعتبرت السعودية القرار اقتصاديا بحتا. وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية في السعودية عادل الجبير أكد أن بلاده “لا تسيس” هذه القضية وأن ارتفاع الأسعار في أميركا ناتج عن “نقص في التكرير”. فما هي تداعيات هذا القرار على العلاقة الاميركية – السعودية؟ وما هي انعكاساته على لبنان؟
السفير اللبناني السابق في واشنطن انطوان شديد يؤكد لـ”المركزية” ان لهذه القضية تداعيات مهمة خاصة على صعيد العلاقات السعودية – الاميركية في ضوء ما يجري في اوكرانيا وروسيا”، مشيرا الى ان الولايات المتحدة فوجئت بالقرار خاصة بعد زيارة بايدن الى السعودية والتي كان هدفها، حتى لو لم يتم الاعتراف بذلك علانية، الحث على زيادة انتاج النفط وليس خفضه. وإذ بالإدارة الاميركية تفاجأ بتخفيض الانتاج الى مليوني برميل يوميا، خاصة من قبل السعوديين”.
ويعتبر شديد ان “من شأن هذه الخطوة ان تؤدي الى تأزم العلاقات بين البلدين”، متسائلاً عن “مدى انعكاسها على تسليح الولايات المتحدة للسعودية او على مشاكل الخليج العربي بما فيها اليمن والوجود العسكري الاميركي في السعودية، وعما إذا كان هذا الامر سينعكس على كل هذه القضايا المشتركة بين الطرفين”. ويستطرد: “لكن اسارع الى القول أن البلدين في النهاية مضطران لتدارك هذه النتائج، لأن السعودية مهمة جدا بالنسبة للولايات المتحدة كما العكس أيضاً صحيح”.
ويرى شديد ان “العلاقة ما بين الامير محمد بن سلمان وبايدن تحديدا، خاصة لجهة الاستمرار بإنكار قدرة بن سلمان او من خلال التشويش عليه او على تسلّمه المراكز في السعودية، ما زالت غير صافية في ضوء ما جرى في اسطنبول بالنسبة الى قضية قتل الصحافي جمال الخاشقجي”، مؤكدا ان “قرار خفض الانتاج سيؤدي حتما الى تأزم الامور بينهما، وقد تلجأ الولايات المتحدة الى اتخاذ بعض التدابير المتعلقة بمحمد بن سلمان، إنما لن تكون قاسية جدا بل كنوع من الإنذار او رسالة “في حال استمريتم في سياستكم، خاصة بتخفيض انتاج النفط”. من جهتها، ستكون السعودية حريصة جدا لأن الوضع دقيق، ولا يمكن ان تسمح لنفسها بالذهاب الى هذا الحد مع الولايات المتحدة. لذلك، اتوقع حصول اتصالات بين الطرفين من اجل ان يبحثا في كيفية إعادة ترميم هذا الأذى الذي حصل للعلاقات الاميركية – السعودية خاصة”.
وهنا يسأل شديد: “هل تلجأ السعودية الى إلغاء التخفيض؟ لا أعتقد، لأن الاوبك لا تضم السعودية وحدها. إضافة الى ذلك، كانت لافتة للنظر زيارة رئيس الامارات محمد بن زايد الى روسيا. فهل تراها سياسة خارجية ضد الولايات المتحدة التي لم تكن تساعد بشكل فاعل خاصة في ما يتعلق بقضية اليمن؟ هل هي ردة فعل من هذه البلدان تجاه الولايات المتحدة وتوجيه رسالة مفادها ان “مهلكم علينا، لم تساعدونا بأي قضية تتعلق بالخليج خاصة عندما يتعلق الامر باليمن وايران والمعاهدة النووية وعدم شمولها الصواريخ الباليستية وسياسة ايران في المنطقة”، لافتا الى ان “هذه كلها ملفات عالقة ما بين الطرفين وخاصة بين السعودية والولايات المتحدة. هذه هي الانعكاسات التي يجب ان نراقبها”.
ماذا عن لبنان؟ يجيب: بالطبع هناك انعكاسات على لبنان، خاصة في القضية التي سيتم التصويت عليها في الجمعية العامة للامم المتحدة ضد ضم روسيا للمقاطعات الأربع، لأن الولايات المتحدة تضغط من أجل للتصويت ضد روسيا. لكن في حال صوّت لبنان كذلك، ما سيكون موقف السعودية عندها؟ اتصور ستكون هناك انعكاسات إنما غير كبيرة على لبنان. لن تقوم المملكة بمعاقبة لبنان على مواقفه مع الولايات المتحدة خاصة اليوم مع إنجاز ملف الترسيم”.