كتب رماح هاشم في “نداء الوطن”:
وصل الأمر في لبنان إلى مستوى «مُقلق» جدّاً من الناحية الإجتماعيّة. فالضائقة الإقتصادية تفرض بتداعياتها الخطيرة «حظراً» على زواج الشباب لعدم تمكنهم من تأمين مسكن يأويهم في ظلّ توقّف القروض السكنيّة، إضافة إلى تدني رواتبهم التي لا تمكّنهم من استئجار بيت لائق.
وفق هذا المشهد، فان المجتمع مُهدَّد بـ «الهرم والشيخوخة» بعد تراجع نسبة الزواج والولادات، فما هو الواقع الجديد للمجتمع اللبناني في السنوات القليلة المُقبلة؟
تتعدَّد الأسباب التي أدّت إلى تأخر الزواج لدى فئة الشباب، حيثُ يشير نائب مدير برنامج UN- Habitat في لبنان المسؤول عن تخطيط وتنسيق البرامج طارق عسيران إلى «الغياب العالمي لخطط سكنية خاصة بفئة الشباب، وهو ما أدّى إلى تأخير سن الزواج، وبالذات في لبنان هناك العادات والتقاليد التي تلعب دوراً. فأهل العروس على سبيل المثال هم بحاجة لضمانات كـ «بيت ملك»، بينما في كل دول العالم يلجأون إلى منازل مُستأجرة، ويعتبرُ عسيران أنّ «العادات والتقاليد هنا تلعب دوراً سلبيّاً، وهذا سيُشكّل في ما بعد أزمة على صعيد المجتمع ككل وقد يُصبح عدد الولادات أقلّ، ومن المؤكّد أنّ هذا المؤشّر سيؤدّي إلى تراجع نسبة الشباب».
تراجع ملحوظ
وعلى صعيد الأرقام، يُوضح الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، أنّ «الأزمة الإقتصادية المعيشية التي يمرُّ بها لبنان والتي أدّت إلى تآكل القدرة الشرائية من جهة وإلى وقف قروض الإسكان من جهة أخرى صعبت الحصول على مسكن هو حلم للكثير من الشباب والشابات لأن ليس لديهم قدرة على الشراء. أما الإيجارات فقد أصبحت مرتفعة جدّاً، ففي بعض المناطق وصل إيجار الشقة إلى 4 ملايين ليرة تقريباً، فيما تجاوز السعر في بيروت 10 ملايين. وهذا كان أحد الأسباب التي أدّت إلى تأجيل وعزوف البعض عن الزواج. وأتت كورونا لتكون سبباً إضافياً ومن ثم إنفجارمرفأ بيروت».
ويلفت شمس الدين إلى أنّ «العام 2018 كان عاماً طبيعياً. حيث بلغت عقود الزواج 36287عقداً. وقد انخفضت في العام 2019 إلى 34076 عقداً. أمّا في العام 2020 فقد انخفضت إلى 29493 عقداً، وفي العام 2021 عادت لترتفع الى33661 عقداً، إلّا أنّه إذا قمنا بمقارنة بين عامَي 2018 وأواخر العام 2021 نتبيّن أنّ عقود الزواج تراجعت بمقدار 2626 عقداً، أو بما نسبته 7.2%. وفي ما يتعلّق بالعام 2022 ليس هناك أرقام بعد. لكن كل المؤشرات تُشير إلى تراجع كبير عن العام 2021، وبالتالي هناك عزوف عن الزواج».
ما مصير القروض السكنيّة التي كان يعول عليها الشباب بشكل كبير في الماضي وأين أصبحت؟
في هذا الإطار، يقول رئيس مجلس الإدارة المدير العام للمؤسسة العامة للإسكان المهندس روني لحود، إنّه «لدى المؤسسة الآن 85 الف طلب قرض أمّا الذين تقدّموا بطلبات للتسديد المسبق فيفوق عددهم الـ 20 ألف طلب».
ويشرح بأنّ «قسماً كبيراً من الناس في ظلّ انخفاض سعر الصرف في السوق السوداء ارتفعت إمكانياتهم المادية وأصبح سهلاً عليهم تسديد القروض». ويُشير إلى أنّه «هناك ضغط كبير في عدد المراجعين يومياً إذ يتجاوز حدود الـ 300 شخص».
أين أصبحت «الخطة السكنية»؟
وفي ما يتعلّق بـ «الخطة السكنيّة» التي أقرَّت في العام 2018، يُوضح أنّها «خطة تُحاكي حق السكن للمواطنين وليس التملك فقط، إلا أنه لم يتم حتى الساعة إقرارها من قبل مجلس الوزراء بسبب الأوضاع السياسية»، ويتمنّى «إقرارها في القريب العاجل، نظراً لإهميّتها والحاجة إليها». ويجزم بأن»إيفاء القروض سيبقى بالليرة اللبنانية، لأن الإتفاقية بالليرة اللبنانية والتسديد هو بالليرة اللبنانية».