السعودية توازن في علاقاتها الدولية.. ودعمها لبنان ينتظر الرئيس الجديد

14 أكتوبر 2022
السعودية توازن في علاقاتها الدولية.. ودعمها لبنان ينتظر الرئيس الجديد


في توقيت إشكالي، انعطفت المملكة العربية السعودية شرقا. وبينما يقف كل من الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي ومعظم الدول الاوروبية إلى جانب أوكرانيا، ويعيش العالم أزمة غاز ونفط، جاء قرار منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” والدول المنتجة للنفط المتحالفة معها “أوبك بلس” بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا، الامر الذي أحدث غضبا في واشنطن على اعتبار ان ما حصل  هو نتاج تفاهم سعودي – روسي، بهدف التأثير على المواطن الاميركي عشية الانتخابات النصفية التي تصادف بعد نحو شهر، خاصة وأن مكتب إحصاءات العمل الاميركي اعتبر أن المؤشر لقياس التضخم، ارتفع بنسبة 8.2% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، مبتعداً عن مستوياته العليا الأخيرة، التي تجاوز فيها 9%. في حين اعتبرت الرياض ان قرار أوبك + جاء انسجاما مع حجم العرض والطلب الذي يشكل أبرز العوامل المؤثرة في سعر برميل النفط العالمي، بعيدا عن أي تسييس أو انحياز لطرف دون آخر في أزمة اوكرانيا.

 
فتأجيل قرار خفض الإنتاج شهرا حسب ما تم اقتراحه، سيكون له تبعات اقتصادية سلبية، معتبرة ردا على احتمال ذهاب  الادارة الاميركية إلى اتخاد إجراءات بشأن التشريع المتعلق ببيع الأسلحة للسعودية، ان بيع الأسلحة الدفاعية إلى السعودية تخدم مصالح الولايات المتحدة ومصالح السعودية ومصالح الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
العلاقة الاميركية – السعودية ليست في أفضل احوالها منذ وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الابيض والذي اعاد تحريك مسألة حوق الانسان وقضية اغتيال الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي  مرورا بالقلق السعودي من  مسار العلاقات الايرانية – الاميركية. والواضح  أن زيارة بايدن إلى الرياض لم تنجح في اعادة ترتيب العلاقات بين البلدين  وفي حصول الرئيس الاميركي على تعهّد خليجي بزيادة فورية في إنتاج النفط. لكن الأكيد أن المملكة تتجه اليوم إلى موازنة علاقتها مع الدول الغربية لا سيما بين واشنطن وموسكو انطلاقا من دور روسيا المؤثر في الكثير من القضايا وفي الملف النووي وفي أزمات المنطقة، هذا فضلا عن أن العلاقات الاقتصادية السعودية – الروسية تشهد قفزات كبيرة وتبادلا تجاريا، ويضاف إلى كل ذلك صندوق الاستثمار السعودي – الروسي، مع الإشارة إلى أن شركة “غازبروم” الروسية، مهتمة بالتعاون مع الشركات السعودية في مجال الغاز الطبيعي.
أمام كل هذا التحول، فإن الحوار السعودي – الإيراني لم ينقطع. والعراق أكد عزمه مواصلة التسهيلات لإجراء محادثات مباشرة بين الرياض وطهران في بغداد. ومن الطبيعي أن ينعكس أي تفاهم بين كلا الطرفين على لبنان، خاصة وأن فرنسا من جهتها تواصل جهودها مع الرياض من أجل دعم لبنان ومساعدته على تخطي الأزمة، مع الإشارة إلى أن الاجتماعات السعودية  – الفرنسية في باريس خلصت إلى ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعيدا عن سياسة المحاور التي أضرت بلبنان ويعيد إحياء علاقات هذا البلد مع أصدقائه في العالم العربي ودول الخليج والمجتمع الدولي.
تريد السعودية العودة إلى لبنان من الباب العريض. وهذه العودة لن تحصل إلا بعد انتخاب رئيس للجمهورية، وليس بعد انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال عون. فالمهم بالنسبة إلى السعوديين والفرنسيين انتخاب رئيس توافقي نظرا إلى حاجة لبنان  إلى رئيس لا مشكلة لديه مع القوى السياسية كافة ويحظى بثقة خارجية، ويكون قادراً على التعامل مع المجتمع الدولي. إلى جانب كل ذلك، تقول أوساط سياسية أن اتصالات قد تحصل بين حزب الله والسعودية، عبر الوسيط الفرنسي، من أجل تمرير الاستحقاق الرئاسي سريعاً وعدم إطالة أمد الفراغ، خاصة وأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تواصل مستمر مع قيادة حزب الله عبر عدد من مستشاريه سواء في ملف الترسيم الذي أنجز وعمل شركة توتال، أو في ملفي الاستحقاق الرئاسي والاصلاحات الاقتصادية.
وتفيد مصادر مطلعة على تحرك السفير السعودي وليد البخاري باتجاه النواب السنّة في بيروت وطرابلس فضلا عن زيارته لرئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد، وما سبق ذلك من لقاء في اليرزة، أن الرياض أجرت مراجعة لسياستها في لبنان وهي اليوم تقول عبر سفيرها في بيروت إنها تحاول العمل لوحدة البيت السنّي عشية الانتخابات الرئاسية، علما أن هذا الأمر يبدو صعبا إن لم يكن مستحيلا نظراً إلى توزع هؤلاء النواب بين معارضة وموالاة ومستقلين وتغييريين.
ومع ذلك، ينقل عن السفير البخاري، أن السعودية يهمها أمن لبنان واستقراره، وقد تعود بالزخم ذاته الذي كانت عليه قبل سنوات، لكن بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعيد للبنان دوره المميز في المنطقة،وسوف تنكب على دعم لبنان وقطاعاته، لا سيما أن هذا البلد في مرحلة انتقالية تستدعي تضافر الجهود الداعمة للداخل اللبناني إذا أراد (هذا الداخل) تصحيح الخلل القائم وتبنى خيارات تتجاوز مصالح الأحزاب والاشخاص، خاصة وأنها على موقفها من عدم دعم أي مكون انخرط في الفساد بأشكاله المختلفة.