خرج أحد السياسيين المخضرمين، الذي يختار هذه الأيام مراقبة ما يجري في لبنان والمنطقة بعيدًا عن الضجيج الإعلامي، عن صمته و”عزلته”، وذلك بعدما إستفزّه ما تمّ تداوله من لغط حول العشاء التي كانت سفارة سويسرا تعتزم الدعوة إليه، على أن يليه، على حدّ بعض التسريبات غير البريئة، مؤتمر في جنيف يشارك فيه عدد من القيادات اللبنانية، للبحث في “إعادة النظر في النظام اللبناني”.
وفي تعليقه على هذا اللغط إستعار هذا السياسي تشبيهًا يحضر في كل مرّة يكون الإهتمام بموضوع معيّن في غير توقيته الصحيح، وفي الوقت الذي يكون فيه الآخرون غير المعنيين بهذا الموضوع، لا من قريب ولا من بعيد، منشغلين بأمور أخرى أكثر أهمية وإلحاحية من أي أمر آخر، فيُقال إن “الجنازة حامية و…”.
ففي الوقت الذي تبدو فيه البلاد، وفق ما يراه السياسي نفسه، متجهة إلى فراغ سيكون أكثر من قاتل هذه المرّة، وفي الوقت الذي نرى فيه نواب الأمة وأحزابهم وتياراتهم منقسمين حول الإستحقاق الرئاسي أكثر من أي وقت مضى، نرى البعض يغرّد خارج السرب، ويصرف جهدًا في غير محله حيال ما يعتبره ضروريًا بالنسبة إلى “تغيير النظام”، وكأن اللبنانيين المنقسمين عموديًا وأفقيًا، سيتوافقون على تحديد الهوية الجديدة للبنان، أيًّا تكن هذه الهوية، التي تتراوح الطروحات حولها بين تطوير إتفاق الطائف وتوسيع المركزية وإلغاء الطائفية السياسية، مرورًا بالحديث عن مؤتمر تأسيسي، ووصولًا إلى طرح موضوع الفيديرالية على بساط البحث الجدّي.
وفي إعتقاده أن كل المؤتمرات التي عُقدت في الخارج، سواء في جنيف أو لوزان في سويسرا، أو في “سانت كلو” في فرنسا، لم تنجح في توحيد اللبنانيين حول رؤية مشتركة. وحده مؤتمر الطائف، الذي حظي برعاية دولية وعربية، وبالتحديد سعودية، تمكّن من وضع حدّ للحرب وقرّب بين اللبنانيين حول قواسم مشتركة.
المصدر:
لبنان 24