اتُهِموا بـالولدنة.. كيف سقط التغييريون في ذكرى الثورة؟!

20 أكتوبر 2022
اتُهِموا بـالولدنة.. كيف سقط التغييريون في ذكرى الثورة؟!


لم يكن سقوط نواب ما يُعرَف بقوى “التغيير” الذي تجلّى بشكل أو بآخر في جلسة انتخاب اللجان، وما تبعها من نقاشات وسجالات، مفاجئًا لمعظم المتابعين، بل لعلّ الحدث أتى “متأخّرًا”، حيث كانت كلّ التقديرات ترجّح حصول هذا “التصدّع” في الكتلة “التغييرية” منذ فترة طويلة، بالنظر إلى غياب “التجانس” بين أعضائها في مقاربة الكثير من الاستحقاقات والقضايا، والذي تجلى منذ اليوم الأول لولاية البرلمان الحاليّ.

 
على مدى أسابيع طويلة، “كابر” النواب “التغييريون” لنفي هذه الحقيقة “المُرّة”، بل ذهب بعضهم لحدّ دحض الإشاعات بـ”التبشير” بعكسها، كما فعلت النائبة بولا يعقوبيان مثلاً، حين “وعدت” المراهنين على انقسام تكتل “التغيير”، بأن النقيض هو ما سيحصل، مع انضمام العديد من النواب المستقلين إلى صفوفه، ليصبح عمليًا “بيضة القبان” في المجلس، خصوصًا في الاستحقاق الأقرب، انتخاب رئيس الجمهورية.
 لكنّ كلّ ذلك، معطوفًا على “مبادرة الإنقاذ” التي بدت “مَخرَجًا” لنواب “التغيير” لتفادي إظهار خلافاتهم على أبسط الأمور وأكثرها بديهيًا، لم يحجب الحقيقة. كان انقسام التكتل إلى مجموعتين، وربما أكثر، واضحًا وجليًا للعيان، قبل أن “تنفجر” الأمور دفعة واحدة، من “جدل” عشاء السفارة السويسرية، إلى “إخفاقات” انتخابات اللجان، وصولاً إلى “تداعيات” هذه الانتخابات، التي شهدت على “طعن” النواب ببعضهم البعض!
 تجانس مفقود وأكثر
 
  قد يكون ما جرى في جلسة انتخاب اللجان النيابية الأخيرة القشة التي قصمت ظهر البعير في صفوف “التغييريين”، كما يُقال. فقد تحوّلت هذه الجلسة من انتخابات أراد “التغييريون” فرضها، إلى “مهزلة” وقعوا هم ضحيّتها، خصوصًا بعدما حصل في لجنة المال والموازنة، في ضوء “المعركة” بين النائبَين “التغييريَّين” إبراهيم منيمنة ومارك ضو، التي لم تُطِح بهما فحسب، بل جعلت الأول “يكذّب” الثاني في العلن، رغم “احترام الزمالة”.
 وإذا كان انسحاب النائب ميشال الدويهي “أول الغيث” في تصدّع الكتلة بعد هذه الجلسة، فإنّ هناك من يشير إلى أنّ “التوتر” بدأ قبل ذلك، وتحديدًا عندما علم النواب “التغييريون”، عبر الإعلام، بأنّ زميلهم إبراهيم منيمنة مدعوّ لتمثيلهم في عشاء السفارة السويسرية المثير للجدل، وهو ما دفع بعضهم إلى “التنصّل” من هذا التمثيل، فيما ذهب البعض الآخر، وفي مقدّمه النائب وضاح الصادق، ليتحدّث صراحة عن “تهديد وحدة التكتل”.
 
وفي حين يعتقد كثيرون أنّ ما حصل في لجنة المال والموازنة والذي وصفه كثيرون بـ”الولدنات”، كان “انتقامًا” من مجموعة “تغييرية” من النائب منيمنة، يؤكد آخرون أنّ “حصر” المشكلة بهذه النقطة لا يعبّر عن “لبّ” الأزمة، التي يدرك نواب “التغيير” أنّهم يعانونها منذ البداية، والتي تكمن في فقدان الانسجام بينهم، وهو ما لم تعد كل محاولات ووساطات بعضهم تنفع في “تجميله”، على أساس أنّ “وحدة التكتل” أهمّ من كلّ شيء آخر.
 “العقدة الحقيقية” في صفوف “التغييريين” والمحيطين بهم، لم يُحسَم بعد النقاش حول ما إذا كان التكتّل قد “فرط” بشكل نهائي. ثمّة بينهم من لا يزال مصرًّا على ضرورة “النهوض” رغم كلّ شيء، لأنّ تفكّكهم يحقّق هدف السلطة المُعلَن منذ اليوم الأول. في المقابل، ثمّة “جرّة انكسرت”، وهو ما يقرّ به أساسًا بعض أعضاء التكتل، خصوصًا بعدما أضحت السجالات بينهم علنيّة، “وعلى المكشوف”، بغياب القدرة لديهم حتى على “ضبطها” بالحدّ الأدنى.
 من هنا، يعتقد المتابعون أنّ مصير التكتّل هو “التفكّك” عاجلاً أم آجلاً، وسواء التحق سائر النواب بزميلهم ميشال الدويهي في إعلان “الاستقلالية” الآن أم بعد حين، لأنّ “العقدة” أساسًا هي في أنّ النواب “التغييريين” لا يمكن أن يكونوا كتلة واحدة، ولا سيما في ظلّ غياب أيّ آلية واضحة لاتخاذ القرارات، بعدما رفض بعضهم فكرة “التصويت” ليشترطوا “الإجماع”، وهو ما قيّدهم وكبّلهم، وجعلهم أقرب لـ”الشعبوية” في الكثير من المحطات.
 وثمّة من يقول إنّ “فرز” نواب “التغيير” أكثر من واضح، ليس فقط لجهة انقسامهم إلى مجموعتين بالحدّ الأدنى، ولكن حتى في العلاقة مع القوى والأحزاب الأخرى، حيث يُحكى عن “ارتباطات” لبعضهم ببعض القوى، و”انفتاح” بعضهم على بعض الأحزاب، في مقابل “نفور” بعضهم من بعض القوى ورفضهم أيّ تقاطع معهم، علمًا أنّ حصولهم على هامش من الحرية سيكون “كفيلاً” بفضح هذه الحقائق بشكل واضح، بعيدًا عن شعار “كلن يعني كلن”.
 قد تكون مجرّد صدفة أن يسقط “التغييريون” في ذكرى “ثورة 17 تشرين”، ولو أنّ محبّي “نظرية المؤامرة” لا يتردّدون في تحميل “السلطة” مسؤولية قد لا تكون على مقاسها، ولو أنّها لا تتأخّر في “استغلال” المعطيات لصالحها. وقد تكون “صدفة” أيضًا أن يأتي هذا “التصدّع” على وقع “الترقّب” لنتائج الطعون النيابية التي يقال إنّها ستطال نواب “التغيير” قبل غيرهم، ويُخشى أن تكون المسمار الأخير في “نعش” التكتل “التغييري” الواعد!