ملفٌ يكشف امتعاض حزب الله من عون.. التفاصيلُ مُهمة جداً!

25 أكتوبر 2022
ملفٌ يكشف امتعاض حزب الله من عون.. التفاصيلُ مُهمة جداً!

في خطوةٍ غير مُتوقعة، شاءت سوريا أن تُلاقي لبنان بمسارٍ مختلفٍ في قضية ترسيم الحدود البحريّة بين البلدين. فبرسالةٍ واضحة و “مُحرجة” وصلت إلى وزارة الخارجيّة والمُغتربين في لبنان، أكدّت دمشق، أمس الإثنين، أنها لا تعتزمُ استقبالَ أي وفدٍ لبناني لمناقشة ملف الترسيم لأنّ “الوقت غير مُناسب لذلك حالياً”، فضلاً عن وجود “ارتباطات مُسبقة”. 

 
حتماً، شكّل هذا الأمرُ مفاجأة لدى بعض المعنيين في لبنان، وما تبيّن هو أنّه لم يكن هناك أي موعد مُحدّد لزيارة لبنانية رسمية إلى دمشق بشأن الحدود البحريّة. كذلك، فإن ما اتّضح أيضاً هو أنّ الاتصال الذي حصل بين رئيس الجمهورية ميشال عون ونظيره السّوري بشار الأسد قبل أيامٍ قليلة، لم يُحدّد تاريخ بدء المحادثات المباشرة، بل إن الكلام اقتصر على العموميات بشأن ضرورة بدء المفاوضات من دون حسم مواعيدها أو سُبلها. 
 
ترسيم “العجلة” 
 
أمام تلك المشهدية، فإنّ ما يُمكن قوله هو أنّ فصولَ الملف ككُل ارتبطت بـ”عجلةٍ” من أطرافٍ مُحدّدة. فما يبدو هو أنّ عون كان مُتحمساً جداً لإتمام ملف ترسيمٍ جديد مع سوريا قبل نهاية عهده، فاستعجلَ الأمر وطلب تشكيل وفدٍ لبناني برئاسة نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب لزيارة دمشق من دون مقاربة المسألة مع الأطراف الأخرى المعنية. حقاً، كان عون يظنّ أنّ التعاطي مع سوريا سهلٌ جداً، وأنّ “الإيجابية” التي وجدها من الأسد خلال الاتصال معه يمكن أن تُمهد لزيارة سريعةٍ من دون مُقدّمات على قاعدة أنّ “العلاقات الأخويّة ما بدها رسميات كتير”. إلا أنه في المقابل، اصطدم عون بـ”رفض دمشق” قدوم الوفد اللبناني إليها، ما أحبطَ مقدمة لـ”ترسيم جديد” كان يأمل الفريق الذي يقف وراء عون إلى طبعِه في سجلات العهد وإلحاقه بترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع العدو الإسرائيلي، لكن ذلك لم يحصل كما أرادت حاشية الرئيس! 
 
“حزب الله” مُمتعض! 
 
وفي ظلّ كل ذلك، كان الأمر البارز هو “صمت حزب الله” المُرتبط بالملف، إذ أنه ومنذ بروز الكلام عن زيارة دمشق، لم يصدر عنه أيّ ترحيب بما جرى، حتى أنه لم يكشف عن موقفه من تلك الزيارة التي جاءت من دون علمٍ له بها، مثله مثل الأطراف السياسية الأخرى. 
 
بحسب معلومات “لبنان24″، فإنّه وعلى الرغم من تأييد الحزب “الانفتاح اللبناني على سوريا”، إلا أن ما فُهِم من أوساطه هو وجود شبهُ امتعاضٍ أو عتبٍ لديه على الطريقة التي حصلت مع دمشق، باعتبار أن سوريا هي دولة ذات سيادة ولا يمكن التعامل معها عبر فرض مواعيد للزيارة أو الاستعجال في تنفيذ أي أمرٍ يحتاجُ أصلاً إلى بحثٍ وتنسيق على مستوى وزارات معنية وحكومات. وهنا، تضيف المصادر: “لبنان فاوض إسرائيل لأكثر من 10 سنوات بشأن ترسيم الحدود، والآن يريدُ أن يحسم الأمر مع سوريا في غضون أيام.. كيف ذلك؟ ما هذه السرعة؟ القضية ليست بهذه البساطة.. مثلما يريدُ لبنان حقوقه وهذا أمرٌ محسوم، فإن سوريا تريد أن تضمن حقوقها أيضاً مثل أي دولة أخرى. ولهذا، فالتفاوض يجب أن يكون على أسس واضحة وضمن تنسيقٍ وبعيد عن العجلة المرتبطة بتحقيق أهدافٍ سياسية لا أكثر”.  
 
مع كل ذلك، فإن ما تبين أيضاً هو أن “اعتذار” المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم عن المشاركة في الزيارة إلى سوريا، قد يكونُ مرتبطاً بأسبابٍ متصلة بعدم وضوحِ آفاق الزيارة، كما أنه قد يكون متصلاً بعدم وجودِ قناعة حول “سرعتها” غير المُبررة تقنياً وعملياً، مع الإشارة إلى أن الجهة الأساسية والمتمثلة بالجيش قد تم استبعادها من الوفد، وهنا يتحدد الأمرُ الأكثرَ إثارة للتساؤلات عن وجود نية حقيقية في إتمام ترسيم أو تسجيل عنوان لـ”إنجاز”. 
 
“خطوة منقوصة” 
 
في الأساس، فإنّ السّعي لترسيم الحدود البحريّة مع سوريا جاء منقوصاً تماماً. فإلى اليوم، لم يجرِ أي ترسيم للحدود البريّة بين لبنان وسوريا، علماً أن هذه الخطوة ضرورية جداً في ظلّ التهريب والفلتان الأمني الذي تشهده، وتعدّ مقدمة لترسيم الحدود البحرية. فكما هو معروف، فإنّ تحديد أي خطّ بحريّ يجب أن يستندَ إلى نقطة بريّة ثابتة تحتاجُ إلى حسمٍ في البداية عبر ترسيمٍ منفصل. وحتماً، هذا الأمر قد يكون سهلاً مع سوريا كـ”دولة شقيقة”، لكن الأمر هذا لم يحصل مع العدو الإسرائيليّ خلال التفاوض غير المباشر معه على الحدود البحرية، إذ جرى فصل الترسيم البحري عن البر لاعتبارات عديدة، منها أمنية وأخرى جغرافية وأهمها مرتبطة بمناطق متنازع عليها تحتاجُ إلى أشواطٍ جديدة من المفاوضات.  
 
في الخلاصة، فإنّ “الاستعجال” الذي حصلْ ساهم في فرملة مساعٍ كادت أن تُولد حقاً في وقتٍ لاحق، والهدف من وراء ذلك هو “تحقيق إنجازاتٍ غير ناضجة”. ولهذا، قد يكونُ فشل الزيارة إلى سوريا قد أرسى رسالتين: الأولى من دمشق ومفادها: نعم، أنا مع العلاقات مع لبنان ولكن الأمر لي أيضاً عندما تتعلق المسألة بترسيم حدود أو ملف مشترك. أما الرسالة الثانية وهي: الترسيم ليس بهذه السهولة، والظروف مع سوريا ليست نفسها مع “إسرائيل”، بل قد تكونُ أصعب.