رسم البيان الذي اصدره رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس صورة واضحة عن حدود المسار الدستوري الطبيعي الواجب اتباعه في معالجة الازمة السياسية الراهنة “بعيدا عن اطلاق الاتهامات والمواقف جزافا، واستخدام عبارات التحدي والاستفزاز”، وفق حرفية بيان الرد الميقاتي تعليقا على المؤتمر الصحافي للنائب جبران باسيل.
والمسار الذي اشار اليه ميقاتي يبدأ “بالتعاون بين اعضاء مجلس النواب ومنهم السيد باسيل لانتخاب رئيس جديد للبلاد ووضع الامور مجددا في اطارها الديموقراطي الطبيعي”.
هذا الموقف لم يعجب “التيار الوطني الحر” الذي سارع عبر مصادره الاعلامية المعتمدة، الى اعتباره “حاملاً للإشارة الأكثر سلبية، في قوله إن الأولوية اليوم هي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، رافضاً الحديث عن مصير الحكومة”.
بالتزامن كشفت أوساط سياسية معنية “أن لا مصلحة لـ “التيار الوطني الحر” بتأليف حكومة لا يتمثل فيها بحصة وازنة تعوّض عن غياب رئيس الجمهورية، وقد يكون الفراغ الحكومي والنزاع الدستوري على حكومة تصريف الأعمال بين عون وباسيل – ميقاتي، هو منصة سياسية رابحة لثنائي عون – باسيل لخوض معركة رئاسة الجمهورية”.
وكان اللقاء الذي جمع أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي عبارة عن جولة افق انتهت بعدم حصول اي تقدم، بعدما بات واضحا ان “التيار الوطني الحر” الذي يفاوض على حصة حكومية، ولو أنكر ذلك، لا يريد ان يمنح الحكومة الثقة، لاستخدام الحكومة لاحقا هدفا لمعركته السياسية “الاولى والاخيرة”.
وفيما يواصل باسيل نفي اي شراكة له في تسمية الوزراء ولهذا يشترط عدم منح الثقة للحكومة، كشف الرئيس عون عــن “دور “التيار الوطني الحر” في عملية التسمية” امام الصحافيين المعتمدين في القصر الجمهوري فقال ( بحسب النص الرسمي المعمم من قبل مكتب اعلام الرئاسة):”ان ما يجري حاليًا في تشكيل الحكومة يناقض مبدأ وحدة المعايير ، فالجهات المشاركة في الحكومة تسمي هي وزراءها، وعندما يأتي دور “التيار الوطني الحر” في عملية التسمية، يصار الى التمسك بالتدخل واختيارهم الوزراء وليس الجهة السياسية المعنية، وهذا امر غير طبيعي ولا يمكن القبول به”.
وبعدما كان نفى الاحد الفائت اي نية لتوقيع مرسوم قبول استقالة الحكومة، اطلق عون مجددا شرارة “المعركة العونية” المقبلة بقوله “ان الحكومة ستكون منتقصة الصلاحيات، وبالتالي لا يمكن ان تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة”.
وفيما تبدو الامور مقفلة بالكامل، لا يزال بعض الوسطاء يراهن على امكان حدوث خرق في الايام القليلة الاخيرة، في وقت بدأ رئيس المجلس النيابي نببه بري التحضير لطاولة حوار يزمع الدعوة اليها “في إنتظار الفرج”، بما ينطبق عليه قول فيروز” إنت ما بيطلع منك إلا كل شي حلو. عيدو من أولو”.