نقابتا المحامين افتتحتا مؤتمراً عن اطلاق المسار القانوني والعلمي لمشروع اللامركزية الادارية

26 أكتوبر 2022
نقابتا المحامين افتتحتا مؤتمراً عن اطلاق المسار القانوني والعلمي لمشروع اللامركزية الادارية


افتتحت نقابتا المحامين في بيروت وطرابلس مؤتمرا بعنوان “اطلاق المسار القانوني والعلمي لمشروع اللامركزية الادارية”، في بيت المحامي، في حضور شخصيات قضائية وسياسية ونقابية ومحامين من النقابتين.وخلال المؤتمر، تحدثت نقيبة المحامين في طرابلس ماري تريز القوال عن “اللامركزية والتنصل”، وقالت: “أهمُّ ما في الدولة أنها آلة لإدارة شؤون مجتمعِها الإنساني. وأهمُّ ما في الإدارة أن تكون ميسَّرَةً حديثةً توفِّر على المواطنين. وأهمُّ ما في الشعور الوطني أن يؤمن المواطنون بأنهم معنيُّونَ بانتمائهم الجامع، مهما اتَّسَعَتْ أو ضاقَت وسائطُ الدولةِ في إدارة أحوالهم”.

اضافت: “ولا أحسبُ أنني وجدتُ فيما قرأت عن تاريخ النظام اللامركزي ووجوه تطبيقه في مختلف بلدان العالم التي اعتمدته، إلا هذا الرباطَ السّلسَ المتين، الذي يضمُّ الجماعةَ إلى واحدٍ، ويبسطَ الواحدَ إلى فروع، تمامًا كالشجرة التي مهما كثرت أغصانُها بقيت مشدودةً إلى جِذْعِها الوحيدِ المتجذِّرِ في أعماق التراب”.وتابعت: “وإذا كانت اللامركزية كمبدإٍ، جزءًا مما نصَّ عليه الدستورُ ولم يطبَّق بعد، فلقد وجدنا في نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس، من أولى واجباتنا الحقوقية والوطنية أن نبحثَ في الأسس التي يمكننا أن نُدخِلَ هذا المبدأ إلى حيّزِ التنفيذ، على أفضل صورة تلائم مجتمعَنا اللبناني. هذا هو عنوان مؤتمرِنا اليوم، الذي ليس لي أن أستبقَ ما سوفَ يُقالُ فيه، ولا ما خطَّتْه لأجله أقلامٌ متخصِّصَةٌ وعقولٌ عريقة في المعرفة القانونية والإدارية والمالية وسواها، لكنني أودُّ أن ألفتَ النظرَ إلى بعضِ ما يُثارُ هنا وثمةَ، في المجالسِ المغلقة والمنابر المفتوحة، وعلى وسائل التواصل وصفحات الجرائد، من مطارحاتٍ تُلَبِّسُ ما بين اللامركزية والفدرالية، وما بينهما وبين ما سمّاه معالي النقيب رشيد درباس: “التنصل”.

واشارت الى انها لن تتطرق إلى الشق الأول المتعلق باللامركزية والفدرلة، “أما الشق الثاني المتعلق حصرًا باللامركزية والتنصل، فهو ما يثيرُ مخاوفَ لدى رهطٍ محترمٍ من المفكرين السياسيين في لبنان، الذين يرون في بعض الأوصاف التي تُطلق على لفظِ اللامركزية، وتلتصقُ بها في جميع حالاتِ إعرابِها التصاقَ النَّعْتِ بالمنعوت، إنّما تُبْطِنُ نيَّةً أو مسعى لتنصُّلٍ منطقةٍ من أخرى أو جماعةٍ من جماعة. وهم لذلك يخشَون على جسدِ الدولةِ الجامعِ أن يُقّطَّعَ أوصالًا، ويصبحَ أشلاءَ كيان. فاللامركزية عند هؤلاءِ المفكرين، ما دامت مقصورةً على البعد الإداريِّ البحتِ، تبعثُ الطمأنينةَ إلى سلامةِ الكيان واستمراره، فإذا تعدَّت ذلك إلى أبعادٍ أخرى، باتت مفتاحًا لبابٍ سيفضي حتمًا في وقتٍ ما، إلى أطلالِ وطن”.وقالت: “ولعلَّ من بعضِ مهامّ هذا المؤتمر أن يقيمَ الميزان بين الخوفِ واليقين، وأن يطمئنَ السؤالَ الحيرانَ، بالتأكيدِ على أن اللامركزية نِعمةٌ إدارية لكونِها تسهِّلُ إدارة الدولة لمصالح المواطنين، وتمكنهم من الحصول على حقوقهم وحاجاتهم باليسر الذي يفرضه إيقاعُ الحداثة وأوالياتُها. وعلى رجاء الوطنِ المرتجى، الواحد الجامع لأبنائه، الجاعلِ سلطاتِه خادمةً للشعب، لا خادعةً له، منصرِفَةٍ إليه لا عنه”.

من جهته، قال نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار: “منذ إعلان إتفاق الطائف، والذي ورد فيه بند يتعلّق باللامركزية الإدارية، وتقديم النائب المحامي أوغست باخوس اقتراح القانون الرامي إلى تعديل قانون التنظيم الإداري في العام 1995، وكذلك اقتراح القانون المقدم من النائب المحامي روبير غانم في العام 2007، والتي كان مصيرها الإهمال وعدم المتابعة، إذا منذ الإعلان المذكور ونحن نسمع عن اللامركزية الإدارية ووجوب تطبيقها وإقرارها، نظراً لإهميتها. والنتيجة: مكانك راوح”.
واضاف: “اللامركزية هي نوع من التنظيم الإداري للدولة الموحدة، يقوم على نقل صلاحيات إدارية من الدولة المركزية إلى وحدات محلية منتخبة مباشرة من الشعب، تتمتع بالإستقلالين الإداري والمالي، كما تقول المحامية الدكتورة ريان عساف. وهي تختلف عن الفيدرالية التي هي نظام سياسي بعكس اللامركزية التي هي نظام إداري؛ وكذلك تختلف عن اللاحصرية والتي تقضي بتسيير مختلف إدارات الدولة مباشرة بواسطة موظفين تابعين للسلطة المركزية ومعينين من قبلها في المحافظات والأقضية”.

وأكد ان “المسؤول الناجح هو ذاك الذي يجيد كيفية إدارة شؤون بلده أو نقابته أو مؤسسته عن طريق اعتماد مبدأ الــــ  chef     d’orchestre الذي يدير جميع القطاعات واللجان والدوائ إلــخ. كما واعتمــاد ما يسمى بمــبدأ الـــ  Délégation أي إناطة صلاحيات لمعاونيه ومساعديه الذين يثق بهم وبعملهم وبحكمتهم. وهذا أمر أطبقه في النقابة خصوصاً مع اللجان وهي بالعشرات. وهو شبيه باللامركزية الإدارية. إذ لا يمكن حصر الصلاحيات والعمل بالإدارة المركزية وبمركز المحافظة مثلاً. فلبنان لم يعط الدور الكافي للامركزية حتى في البلديات، مما أدى إلى إهمال المناطق البعيدة التي أحست وكأنها غريبة عن الدولة، والدولة غريبة عنها. كما أدى هذا الأمر إلى هجرة الريف والنزوح نحو المدينة”.وشدد على أهمية اللامركزية الإدراية، وقال: “انها تساعد أبناء كل منطقة على الإهتمام بشؤونها وشؤونهم مع الإبقاء على الرقابة. فمن يعرف بمشاكل ومكامن العمل للمنطقة أكثر من أبنائها؟. هؤلاء الأبناء يتحمسون أكثر عندما يعلمون بأن نتائح عملهم سوف تنصب على مصلحة منطقتهم ولا تذهب إلى أماكن أخرى. كل ذلك بمعزل عن سبب رئيسي وهو توفير الوقت والمصاريف والأعصاب ومخاطر الطرقات لدى إنجاز المعاملات. فلماذا يضطر ابن جبيل لتحمّل مشقة الإنتقال إلى بعبدا مثلاً لتوقيع ورقة أو إفادة أو للإستحصال على مستند؟”.وختم: “من هنا، ومنذ اليوم الأول لبدء ولايتي ألّفت لجنة اللامركزية الإدارية برئاسة عضو مجلس النقابة السابق الأستاذ فادي بركات. والتي انصبت على التعمّق بدراسة هذا الملف، وقامت بجمع المعلومات الكافية، ومن كافة المناطق، تمهيداً لإطلاق المشروع الذي أتمنى ان يسلك طريقه الصحيح، ويصدر القانون المتعلّق باللامركزية”.