تتجه الأنظار اليوم الى الجنوب حيث تشهد منطقة الناقورة توقيع تفاهم ترسيم الحدود الاقتصادية بين لبنان واسرائيل، كلّ على حدة، برعاية الأمم المتحدة والوسيط الأميركي اموس هوكشتاين الذي وصل مساء امس الى بيروت.
وكتبت” نداء الوطن”: بقي رئيس الجمهورية ميشال عون حتى لحظة وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين غير حاسم في تحديد طبيعة الوفد اللبناني إلى الناقورة والشخصية التي ستتولى توقيع مذكرة اتفاق الترسيم الحدودي مع إسرائيل، وسط “تخبط” واضح في التسريبات والمعلومات الواردة من دوائر قصر بعبدا في هذا الخصوص.وإذ اكتفت دوائر الرئاسة الأولى بتعميم موعد وصول هوكشتاين صباح اليوم إلى بعبدا والخطوات التي ستلي ذلك، من بيان مكتوب يلقيه الوسيط الأميركي ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، ليترأس بعدها عون اجتماع الوفد المكلّف تسليم رسالة الموافقة اللبنانية الرسمية على اتفاقية الترسيم البحري مع إٍسرائيل في الناقورة، أوضحت مصادر مواكبة للأجواء المحيطة بإشكالية تشكيل الوفد اللبناني لـ”نداء الوطن” أنّ السلطة بدت أمس كمن “يتقاذف مسؤولية التوقيع على اتفاقية الترسيم، بحيث رفض أكثر من طرف تحمّل هذه المسؤولية خشية وصم اسمه بشبهة التطبيع مع إسرائيل على امتداد التاريخ اللبناني، خصوصاً وأنّ “حزب الله”، وهو الطرف الذي شكل قوة الدفع الأكبر في إبرام الاتفاقية الحدودية مع إسرائيل، نأى بنفسه عن هذه المسؤولية وتوارى خلف الدولة في إنجازها لكي لا يتحمل مسؤولية مباشرة بهذا الشأن أمام الرأي العام وجمهوره”.وقبيل منتصف الليل، وبينما كان بوصعب يقيم مأدبة عشاء تكريمية على شرف الوسيط الأميركي احتفاءً بإنجاز اتفاقية الترسيم مع إٍسرائيل، كشفت أوساط مشاركة في العشاء لـ”نداء الوطن” أنّ الصيغة التي تم اعتمادها لتوثيق الموافقة اللبنانية الرسمية على هذه الاتفاقية قضت بأن يتولى رئيس الجمهورية نفسه توقيع نص الرسالة الأميركية وتوجيهها إلى الرئيس الأميركي تأكيداً على موافقة لبنان والتزامه كامل البنود الواردة في اتفاق الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل، بينما سيتولى وزير الخارجية عبد الله بو حبيب توقيع رسالة لبنان بهذا الخصوص، وتوجيهها إلى الأمم المتحدة لكي يصار إلى اعتماد الحدود اللبنانية البحرية الجديدة المتفق عليها مع إسرائيل في السجلات الأممية.
وكتبت” الاخبار”: كما كان لبنان يسير بين النقاط حتى اللحظات الأخيرة في المفاوضات التي أنتجت مضمون التفاهم البحري، كان ليل أمس يشهد مفاوضات إضافية تخللها بعض التعقيد حول طريقة الإعلان عن التفاهم. ولمزيد من الشرح، كانت الاتصالات الجارية منذ يومين، تركز على الجانب الشكلي، وعن تفاصيل ما سيحصل في الناقورة اليوم. مع كمية من التفاصيل الضرورية بالنسبة للبنان للتأكيد بأن ما يجري لا يعدو كونه لقاء لتبادل الرسائل مع الوسيط الأميركي والأمم المتحدة، وليس فيه أي نوع من التطبيع، وليست له تتمة مع العدو.
اجتماعات ليل أمس هي الحاسمة، وسيعلن صباح اليوم على أساسها أسماء أعضاء الوفد اللبناني الذي سيتوجه إلى الناقورة. وهو وفد جرت اتصالات كثيرة لجعله لا يتخذ الطابع السياسي كما يرغب العدو عادة. ومع أن هوكشتين نفسه، كان أعرب في وقت سابق عن اعتقاده بأن لا حاجة للقاء الناقورة إذا كان لبنان يرفض اجتماعاً مشتركاً، إلا أنه بعد إصرار الرئيس نبيه بري على حصول اللقاء لتثبيت إطار الاتفاق، عاد ليدرس إمكانية الاستفادة من اللقاء لقليل من الاستثمار السياسي والإعلامي، وهو الأمر نفسه الذي يهتم به رئيس وزراء العدو الذي يقول صراحة إنه يريد استخدام لقاء الناقورة إعلامياً ضمن حملته قبل أيام من موعد الانتخابات في إسرائيل.لذلك، عرض رئيس حكومة العدو تكليف مستشار الأمن القومي إيال حالوتا على رأس وفد وزاري – عسكري، وحاول هوكشتين رفع مستوى التمثيل السياسي من الجانبين، مشيراً إلى أنه سيكون موجوداً بصفته موفداً رئاسياً أميركياً. وألمح إلى ضرورة أن يرفع لبنان مستوى تمثيله، وجرت الإشارة مراراً إلى ضرورة اختيار شخص ذي صفة سياسية لكن الجواب كان سلبياً. ولكن، لأن لقاء الناقورة يتطلب وجود شخصية مدنية إلى جانب الشخصية العسكرية، اتجهت الأمور إلى تكليف منسق عام الحكومة لدى قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) العميد منير شحادة حضور اللقاء إلى جانب آخرين، يرجح أن يكون بينهما أحد المدراء العامين في الدولة وربما ممثل عن وزارة الخارجية، لأسباب تتعلق بمسار الخطوات المفترض إنجازها في الناقورة بعد ظهر اليوم.
وبحسب البرنامج المفترض، فإن هوكشتين سيصل إلى الناقورة ومعه مساعدون بينهم السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، كما ستحضر ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان الديبلوماسية البولندية يوانا فرونتسكا بعد تلقيها أول من أمس رسالة تفويض من مكتب الأمين العام للأمم المتحدة. وإلى جانب الوفد اللبناني المفترض أن يقتصر على ثلاثة أشخاص فإن إسرائيل سترسل وفداً كبيراً يصل عدده إلى سبعة على الأقل، برئاسة مندوبة عن رئيس الحكومة تعمل في مكتب مستشار الأمن القومي إلى جانب مدراء من وزارة الطاقة وضباط من جيش الاحتلال.وسيجري ترتيب اللقاء في الخيمة التي تجتمع فيها عادة اللجنة الثلاثية اللبنانية – الإسرائيلية – الأممية، ويلقي هوكشتين خطاباً شاكراً البلدين على جهودهما، بعد أن يسلم صباحاً الرئيس عون الرسالة الأميركية التي تتضمن بنود التفاهم، يقوم عون بالرد إيجاباً عليها، مع توقيع رئيس الوفد اللبناني الذي سيسلم الرد في الناقورة إلى هوكشتين، على أن يسلم موفد وزارة الخارجية نسخة عن الإحداثيات الخاصة بالمناطق البحرية والاقتصادية لإيداعها في الأمم المتحدة.
وبحسب الإجراءات المتفق عليها، فإن اللقاء لن يكون مفتوحاً أمام وسائل الإعلام، وسيسمح فقط لمصور فوتوغرافي بالتقاط صورة لرئيس الوفد اللبناني وهو يسلم الأوراق إلى هوكشين ومنسقة الأمم المتحدة وأخرى لرئيس الوفد الإسرائيلي، على أن ينتهي اللقاء من دون أي تواصل مباشر بين الجانبين.وكتبت” النهار”: لعل المفارقة اللافتة التي تواكب هذا “اليوم التاريخي” تتمثل في ان حدث الترسيم الذي تردد انه قد يحجب عن التغطية الإعلامية المباشرة يخترق بطبيعته الاستثنائية اللحظة التي يجتازها لبنان قبل ثلاثة أيام فقط من يوم مغادرة الرئيس عون قصر بعبدا الاحد المقبل، إيذانا بنهاية ولايته في اليوم التالي الموافق الاثنين 31 تشرين الأول. كما ان جولة هوكشتاين قبل ظهر اليوم على الرؤساء الثلاثة لن تحجب خلفية المأزق الداخلي المأزوم الذي يرقى الى ازمة دستورية بالغة الخطورة في تردداتها بإزاء فراغ رئاسي صار امرا واقعا مثبتا من جهة، ونزاع بين العهد المتأهب للرحيل ورئيس حكومة تصريف الاعمال حال دون تسوية لتشكيل حكومة او اعلان حكومة معدلة. لكن احتمالات التوصل قبل ساعات من نهاية العهد الى هذه التسوية صار اشبه بوهم.