سيناريو لم يُكشف بعد.. ماذا سيفعلُ حزب الله بعد حقبة عون؟

27 أكتوبر 2022
سيناريو لم يُكشف بعد.. ماذا سيفعلُ حزب الله بعد حقبة عون؟


لم تعد خافية على أحد حقيقة دخول البلاد في الفراغِ الرّئاسي المُحتّم، فرئيس الجمهورية ميشال عون يُغادر بعد 3 أيام قصر بعبدا تاركاً خلفه شغوراً رئاسياً قد يدومُ طويلاً. هنا، المُشكلة لا تكمُن في عون الذي أدّى واجبه الدستوريّ بالنزول عن سدّة الرئاسة قبل يومٍ من انتهاءِ ولايته،كما هو معلن، إلا أنّ السرّ يكمنُ في ما سيطرحه “الجنرال” بعد عودتِه إلى “المتراس السياسي” لخوضِ معركة الرئاسة من جديد ولكن بشروطٍ يطرحها باتجاه شخصيةٍ ما سيدعمُها.
 
وسط كلّ ذلك، فقد أثبت مجلس النواب عجزه التام عن إنتاجِ رئيسٍ جديد للبلاد قبل انتهاء ولاية عون، وهو الأمر الذي تكرّر على مدى 4 جلسات مُتتالية، انكشف فيها حجمُ التناحر بين الكتل النيابية، ما يعني أنّ الفراغَ لن ينتهي إلى بـ”التوافق” الذي تحاول الكثير من القوى السياسية “شيطنتهُ” والهروب منه. لكنّه، وفي أحسن الأحوال، قد يكون الحوارُ الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه برّي بشأن ملف الرّئاسة مُقدّمة لتبدّل الكثير من المُعطيات، لاسيما على صعيد موقف الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) الذي ما زالَ مُصراً على سياسة الاقتراعِ بـ”الورقة البيضاء” حتى أجلٍ غير مُسمّى. ولكنّ السؤال الذي يُطرح هنا.. إلى متى سيستمرّ هذا النمط الذي يعتمده “الثنائي” مع الأطراف الأخرى وأبرزها “التيار الوطني الحر”؟
 
في صورةٍ مُبسّطة لما يجري رئاسياً، يمكن اعتبار أنّ مختلف الأطراف ولشدّة إيمانها بأن “الفراغ آت”، آثرت المُضي قُدماً بخطوةِ الورقة البيضاء التي تعتبرُ مؤثرة جداً، وتحديداً قبل انتهاء عهد عون. وحتماً، إذا كان هذا السيناريو مُعتمداً بقوة قبل الشغور الرئاسي، فإنّه ليس مُستبعداً استمرارهُ أيضاً حتى بعد مُغادرة “الجنرال” لقصر بعبدا يوم الأحد المُقبل. وعليه، فإنّ المتوقع والثابت حتى الآن هو أنّ يبقى التصويتُ بورقةٍ بيضاء على وتيرتهِ المعروفة، لكنّه قد يتراجعُ في حالتين راسختين لا مفرّ منهما.
 
بالنسبة للحالة الأولى، يبدو واضحاً أن مسألة “تقطيع الوقت” قبل الشغور الرئاسي قد فرضت نفسها وساهم بتوضيحِ مواقف الكتل النيابية. فبالنسبة لـ”حزب الله” وحلفائه، فقد تبين أن مسألة انتخاب رئيسٍ غير محسومةٍ لديه قبل “عودة” عون السياسيّة، وبالتالي قد تكونُ للأخير مُقاربة رئاسية يمكن أن يفرضها في مكانٍ ما، وقد يكون التصويتُ بالورقة البيضاء مُقدّمة للوصول إلى تلك المقاربة التي لن تتحقق أبداً قبل الشغور الرئاسي. وعنده، يُصبح عون متُحرراً من قيود الرئاسة وباستطاعته أن يفرض ما يريد من شروطٍ، في حين أنّ ما سيقوله على صعيد تيّاره السياسي، سيكونُ مطروحاً على طاولة الحوار التي سيعقدها برّي.
 
أما بالنسبة للحالة الثانية والتي ستتراجع معها وتيرة التصويت بالورقة البيضاء، فترتبط بطرح مرشحين جدّيين آخرين للرئاسة، على أن تكون قوّتهم بنفس معدل قوّة المرشح الحالي النائب ميشال معوّض. هنا، قد لا ينتفي التصويت بالورقة البيضاء بشكلٍ تامّ، لكنّ المنحى المرتبط بذلك قد يتراجعُ بشكل تدريجي. وأمام ذلك، قد يبادر نواب “حزب الله” و “حركة أمل” و “التيار الوطني الحر” إلى توزيع الأصوات، لكنّ هذا السيناريو لن يكونَ قائماً إلا في حالة واحدة وهي أنه في حال كان المرشحون المطروحون يسيرون على “نمط” فريق الممانعة، فإن خطوة التصويت لهم (أو لبعضهم) ستكون بمثابة برهانٍ للأطراف الأخرى بأنّ هناك قابلية للتصويت لأي مرشّح من دون التفريط بخيار الورقة البيضاء أيضاً. وبذلك، قد يكونُ هذا الأمر مقدمة لـ”غربلة” جديدة للأسماء على صعيدين: الأول ويرتبطُ بقرار “محور الممانعة” لاختيار رئيسٍ يريده بالتوافق بين أطرافه، في حين أن الصعيد الثاني قد يرتبطُ بطاولة الحوار التي ستكونُ مرتبطة حُكماً بالتسوية السياسية والدولية التي ستفرض المرشح المطلوب بمعزلٍ عن كلّ السيناريوهات المطروحة، ولكن برضى وإجماعِ مختلف الأطراف السياسية.
 
في الخلاصة، فإنّ كلّ ما سيجري على صعيد الانتخابات سيندرج في إطار الشّكليات، لكنّ ما يُمكن حسمه هو التالي: طاولة الحوار هي المقدمة للتسوية وهي التي ستكون مركز رصد الإشارات الدولية، ومن خلالها ستتحقق غربلة الأسماء وعبرها سيتمّ إخراج الإسم بـ”التوافق” و “التسوية” وبعيداً عن التحدّي الذي يحاول البعض ممارسته، ولكن على طريقته الخاصّة.