انتهى يوم التواقيع على الوثيقة الأميركية المتعلقة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان واسرائيل، من بعبدا إلى الناقورة، وآخرها تسليم الوفد اللبناني وثيقة التفاهم للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين موقعة من قبل رئيس الجمهورية العماد ميسال عون في مقر القوات الدولية في الناقورة بحضور السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا، والسفيرة الفرنسية آن غريو، والممثلة الدائمة للأمم المتحدة يوانا فرونتسكا.
وأعلن المتحدث باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي «إننا سعداء بالنتيجة الإيجابية للاتفاق البحري، مؤكداً الجهوزية لمساعدة الوسيط الأميركي والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة.
وشدّد تيننتي عبر «صوت كل لبنان» على ان «هذا الاتفاق سوف يعزز الاستقرار في جنوب لبنان، ويمهّد الطريق لمتابعة النقاط العالقة بما خصّ تحديد الخط الأزرق».
وكتبت” النهار”: الى حقبة جديدة بكل المعايير الاستراتيجية امنيا وعسكريا واقتصاديا، دفع الحدث التاريخي المتمثل بابرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بوساطة الولايات المتحدة ورعاية الأمم المتحدة الوضع الاستراتيجي ليس بين “الجانبين” المعنيين فقط وانما المنطقة ومحيطها كلا أيضا. ومع ان شيئا لم يكن مفاجئا في يوم “مراسم” اعلان انجاز الإجراءات الشكلية لاتمام الموافقات الرسمية النهائية على الاتفاق، وتسليم وثائق الاتفاق من قبل لبنان وإسرائيل الى المنسق الأميركي الخاص آموس هوكشتاين الذي تولى انجاز هذا الاختراق بنجاح مشهود، كما الى الأمم المتحدة، فان الوهج الكبير الذي طبع الحدث بدا بمثابة انعكاس للدلالات الاستراتيجية الكبيرة التي يكتسبها هذا الاتفاق الذي ولو تصاعد الجدل العقيم حول تسميته اتفاقا او تفاهما او أي مصطلح اخر، فانه شكل اتفاقا استثنائيا في إرساء معالم حقبة سلمية – اقتصادية – استثمارية جديدة للدولتين المعنيتين به، كما لشركاء كل منهما دولا كانوا ام شركات نفطية. ولم تكن موجات ردود الفعل من الأطراف كما من الدول والمنظمات الدولية المرحبة بالاتفاق سوى دلالة على الطابع الاستثنائي للاتفاق الذي ستدخل منطقة الحوض المتوسط في ظله حقبة متطورة في مجال الاستثمار النفطي والتعاون الإقليمي، بدليل ان لبنان سيستقبل غداة ابرام الاتفاق اليوم وفدا قبرصيا للبحث مجددا في تعديل الحدود البحرية بين البلدين.
وكتبت” نداء الوطن”. في شكل إبرام اتفاقية الترسيم الحدودي البحري بين لبنان وإٍسرائيل أمس، ظهر طرفا الاتفاقية على طرفي نقيض في كيفية تظهيرها وتوثيقها رسمياً، فبينما كان الجانب الإسرائيلي متصالحاً مع نفسه وشعبه في اتباع الأصول المتبعة والمتعارف عليها دولياً في إقرار الاتفاقيات الحدودية بحيث اجتمعت الحكومة الإسرائيلية وصادقت بكامل هيئتها على اتفاق الحدود البحرية مع الدولة اللبنانية، وسط مجاهرة رئيسها يائير لابيد بأنّ “لبنان اعترف بدولة إسرائيل” بموجب هذا الاتفاق، وتأكيد المتحدث باسم الحكومة أنّ اتفاقية الترسيم البحري المبرمة مع لبنان “ستجعل إسرائيل من أكبر الدول المصدّرة للغاز”، طغت على الضفة اللبنانية المقابلة ملامح الإرباك والارتباك والخجل على أداء السلطة في مشهدية بدت أقرب إلى “التهريبة الوطنية” من “الإنجاز الوطني”.فمن الضياع الجلي الذي واكب التحضيرات الرسمية لعملية إخراج صيغة وصورة التوقيع اللبناني على الاتفاقية الحدودية حتى لحظة وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين مساء الأربعاء، مروراً باستمرار “قطبة” الوفد اللبناني إلى الناقورة “مخفية” في أروقة القصر الجمهوري حتى صباح الخميس، وصولاً إلى تخريجة تولي رئيس الجمهورية ميشال عون نفسه التوقيع على نص المذكرة الأميركية وتوقيع وزير الخارجية عبدالله بو حبيب على الرسالة الموجهة إلى الأمم المتحدة تأكيداً على موافقة لبنان الرسمية على إحداثيات الاتفاقية الحدودية البحرية المبرمة مع إسرائيل، كان مخاض الترسيم “عسير الهضم” على اللبنانيين تحت وطأة ما تضمنه الضخّ الرئاسي والسياسي والإعلامي العوني والممانع من استغباء فاقع للعقول ومحاولات فاشلة لغسل الأدمغة والتعمية على حقيقة إبرام اتفاق حدودي لبناني مع إٍسرائيل بكامل إرادة “حزب الله” الذي يعلم القاصي والداني في لبنان وخارجه أنه كان له اليد العليا في إدارة عملية التفاوض الحدودي بقفازات العهد العوني، فكان له ما أراد وأنجز العهد مهمته بنجاح وأتمّ بذلك آخر واجباته تجاه “الحزب” بأن أوصله إلى برّ الأمان الحدودي على الجبهة الجنوبية مع إٍسرائيل قبل انتهاء الولاية الرئاسية… وعلى قاعدة “الطبع غلب التطبيع” أخذ عون بصدره وقلمه مسؤولية توقيع “التطبيع المبطّن” مع إسرائيل بالأصالة عن الرئاسة الأولى وبالنيابة عن “حزب الله”. كل الوقائع الحسية والملموسة على مرّ مراحل التفاوض مع إسرائيل عبر الوسيط الأميركي بيّنت بما لا يقبل الشكّ أنّ نصّ الاتفاقية الحدودية يؤكد أنّها أبرمت بين “دولة لبنان ودولة إسرائيل”، وعلى الرغم من تشبيه نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب “اتفاقية هوكشتاين” بـ”اتفاقية ابراهام” للسلام والتطبيع مع إٍسرائيل، وتأكيد بو صعب نفسه في وقت سابق على أنّ اتفاقية الترسيم تشمل “ترتيبات أمنية” على الحدود الجنوبية مع إٍسرائيل، فضلاً عن تأكيدات الوسيط الأميركي مراراً وتكراراً على أنّ هذه الاتفاقية تؤمّن أمن إسرائيل على الحدود الشمالية مع لبنان.
ولفتت أوساط مطلعة لـ»البناء» أن كل بنود تفاهم الترسيم ووقائع المفاوضات غير المباشرة في المرحلة الماضية وفي الناقورة وطبيعة الوفد اللبناني وسلوكه، أثبت بأن تفاهم الترسيم ليس معاهدة ولا أي شكل من أشكال التطبيع ولا اعتراف بالعدو، وليس ترسيماً للحدود البحرية بل تحديد للمنطقة الاقتصادية، وبالتالي أسقط كل الاتهامات والادعاءات السياسية بأن لبنان سيعترف بالعدو. موضحة أن ذكر كلمة «إسرائيل» في الوثيقة الأميركية والأمم المتحدة لا يعني الاعتراف بها، بل سبق وذكرت كلمة «إسرائيل» في اتفاق الإطار واتفاق الهدنة. ولفتت الى أن المفاوضات غير مباشرة والتفاهم لم يمنح العدو أي ضمانات أمنية ولم يتضمن أي تعاون اقتصادي ولبنان ليس شريكاً بأي علاقة أو تعويضات بين شركة توتال التي ستعمل في حقل قانا والعدو، كما لم يجتمع الوفد اللبناني مع الوفد الإسرائيلي في الناقورة ولم يوقع على الوثيقة نفسها التي وقع عليها العدو.وشددت الأوساط على أن وقائع الترسيم أكدت أنه جاء لمصلحة لبنان بالدرجة الأولى، حيث نال أكثر ما يمكن أن يناله في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والمالية الصعبة التي يعانيها لبنان وفي ذروة الحصار الخارجي عليه بشتى المجالات، حيث كان المعروض علينا الخط 1 الذي رسمه العدو وبالحد الأقصى خط هوف الذي رسمه الأميركي.
وكتبت” الديار”: وضعت «النقاط» على آخر «حروف» الترسيم البحري مع العدو الاسرائيلي بالامس مع التوقيع المتبادل غير المباشر على «الوثيقة» الاميركية. وكما كان متوقعا، بالغ الاميركيون والاسرائيليون في منح الاتفاق ابعادا تتجاوز حدوده كأنجاز موضعي تحقق بفعل تقاطع مصالح دولية واقليمية سياسية واقتصادية، واذا كان الرئيس الاميركي جو بايدن قد تحدث عن «الامن والاستقرار لاسرائيل والمنطقة»، فقد حاولت الحكومة الاسرائيلية ادعاء تحقيق انجازات غير واقعية لا تمت الى الحقيقة بصلة، عبر اعلان رئيسها يائير لابيد «بان لبنان اعترف بدولة إسرائيل في اتفاق ترسيم الحدود»! الا ان الرد لم يتأخر من بيروت حيث اعلن رئيس الجمهورية ميشال عون ان الاتفاق تقني وغير سياسي، اي لا «اعتراف»، فيما كان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حاسما في نفي اي «شبهة» للتطبيع معلنا انتهاء حالة الاستنفار لان مهمة المقاومة انجزت بتحقيق لبنان انجازا «تاريخيا».
والخلاصة ان المقاومة استخدمت قدرتها الردعية مقابل العدو؛ وثبتت مجددا معادلات وقواعد الاشتباك السائدة منذ العام 2006واليوم منع العدو مجددا من فرض امر واقع على لبنان.