بعد إنجاز الترسيم.. العين على سيناريوهات نهاية العهد!

28 أكتوبر 2022
بعد إنجاز الترسيم.. العين على سيناريوهات نهاية العهد!


أخيرًا، وبعد مفاوضات ماراثونية وشاقة، أضحى ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل أمرًا واقعًا ومثبتًا، مع توقيع الاتفاق رسميًا، برعاية الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، الأمر الذي يفترض أن يطوي صفحة ويفتح أخرى، يأمل جميع اللبنانيين أن تكون “مشرقة”، بمُعزَل عن الجدل الذي أثير في الساعات الأخيرة حول بعض التفاصيل “اللوجستية” المرتبطة بالاتفاق، وما إذا كان بالإمكان التوصل إلى “أفضل ممّا كان”.

 
هكذا، انهمك المسؤولون اللبنانيون في يوم التوقيع، بالترويج للاتفاق الذي وُصِف بـ”التاريخي”، والذي سيمكّن لبنان من الانضمام رسميًا إلى نادي الدول المنتجة للغاز والنفط، في مرحلة قد تكون “دقيقة”، في ظلّ ما أفرزته الحرب الأوكرانية، ولو أنّ “المكاسب الاقتصادية” من الاتفاق ستستغرق بعض الوقت وفق الخبراء، كما انشغلوا أيضًا بنفي شبهة “التطبيع” التي أثارها الاتفاق، الذي غمز البعض من قناة “اعترافه ضمنًا بإسرائيل”.
 
لكن، فيما كان كثيرون “يحتفلون” بـ”الانتصار الكبير”، كما وصفه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، معلنًا “إنجاز المهمّة وانتهاء الاستنفارات”، كان آخرون يطلقون “العدّ العكسي” لطيّ صفحة أخرى بموازاة الترسيم، وهي صفحة “العهد”، الذي ينتهي رسميًا الإثنين المقبل، فيما “العين” على تحركات الأحد “المثيرة”، ولكن أيضًا على “سيناريوهات” الأيام الأخيرة من “العهد”، وسط تسريبات أكثر من “ضبابيّة”.
 
“هدية” الترسيم
 
على صعيد ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، بدا الموقف الرسمي “ثابتًا”، وعابرًا لانقسامات واصطفافات، كما تنوّع القوى المحسوبة على السلطة، والمعنيّة بملفّ التفاوض منذ بداياته، وقد استند إلى اعتبار ما تحقّق “انتصارًا تاريخيًا”، من شأنه أن ينقل لبنان من مرحلة إلى أخرى، وربما أن يفتح الباب لإنقاذ اقتصاده المنهار، أو إحداث “انقلاب نوعي” في وضعه، خصوصًا بعد بدء استخراج الغاز في المرحلة المقبلة.
 
ومع أنّ “الإنجاز” أتى ثمرة جهد جماعي، ويعني جميع اللبنانيين من دون استثناء، كان “تحفّظ” البعض على “فكرة” تصويره وكأنّه “انتصار” لفريق دون آخر، وهو ما أوحى به كلام رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أعاد الحديث عن “هدية” قدّمها إلى اللبنانيين قبل مغادرته قصر بعبدا، متمنيًا على من يخلفه استكمال “الإنجازات”، علمًا أنّ “تسخيف” بعض قوى المعارضة لما تحقّق لعب دورًا أيضًا في ترسيخ مثل هذه الصورة.
 
أما النقطة “الإشكالية” التي أثارت الكثير من النقاشات في الساعات الأخيرة، فتمثّلت في اعتبار هذا الاتفاق بمثابة “تطبيع”، ولو “غير مباشر”، مع العدو الإسرائيلي، وهو ما حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد “توظيفه” لصالحه انتخابيًا، بحديثه عن “دولة معادية توقّع اتفاقًا معنا”، علمًا أنّ لبنان كان “شديد الحرص” على دحض هذه الفرضية، ولا سيما بعدما حصر تعاطيه بالوسيط الأميركي، واضعًا الاتفاق في خانة المصلحة الاقتصادية فحسب.
 
“سيناريوهات” الأحد
 
وفي وقت يترقّب البعض كلمة الأمين العام لـ”حزب الله” مساء السبت حول “الانتصار”، بعد موقف “مقتضب” عبّر عنه عصر الخميس، ثمّة من يشير إلى أنّ “الاحتفال” بالإنجاز لن يصمد طويلاً، بل هو لم يصمد يومًا واحدًا، حيث كانت إطلالة رئيس الجمهورية المسائية كفيلة بإعادة “تصويب” النقاش حول “السيناريوهات” المحتملة للأيام الأخيرة من “العهد”، ولا سيما على وقع المواكب الشعبية المنتظرة يوم الأحد، والتي يخشى البعض تحوّلها لـ”استعراض قوة”.  
 
وإذا كان الكثيرون توقّفوا عند “التناقض” الذي وقع فيه الرئيس عون الذي كشف أنّه “على وشك” توقيع قبول مرسوم استقالة الحكومة، بعد أيام على إصداره بيانًا ينفي فيه “المزاعم” بهذا الخصوص، ويضعها في خانة “الإساءة الممنهجة لشخص الرئيس”، فإنّ هناك من لا يزال يراهن على إمكانية استيلاد الحكومة ولو في الدقائق الأخيرة من “العهد”، علمًا أنّ مرسوم الاستقالة لا يقدّم ويؤخّر شيئًا في المعادلة، وفق معظم الخبراء القانونيين والدستوريين.
 
يبقى كلّ ذلك، وفقًأ للمتابعين، رهنًا بما يمكن أن يحصل الأحد، وما إذا كانت تحركات “التيار الوطني الحر” ستبقى في إطارها المنظَّم، أم أنّها ستخرج عن السيطرة، لتفتح الباب أمام مرحلة “صدامية”، لن تكون في صالح أحد، بمعزل عن “سيناريوهات” الحكومة والفراغ وغيرها، خصوصًا مع عودة “التبشير” بـ”الفوضى الشاملة” التي، في حال وقوعها، ستضرّ الجميع ولن تنفع أحدًا، في وقت لا يبحث فيه الناس سوى عن “الخلاص”.
 
حتى لا يُفرَغ “إنجاز” الترسيم من مضمونه، وحتى تبقى “الهدية” التي يقول الرئيس ميشال عون إنّه قدّمها للبنانيين قبل مغادرته القصر الجمهوري، محافظة على “قيمتها”، وهي كبيرة بلا شكّ، ينتظر اللبنانيون من سلطتهم مقاربة مختلفة، بل “فريدة” في الأيام القليلة المقبلة، تمنع خطر “الفوضى الشاملة” عنهم، وتسمح بالحدّ الأدنى، بأفضل “إدارة” ممكنة للفراغ الرئاسي، الذي يبدو أنّه أصبح “يقينيًا”!