كتب عمر نشابة في “الاخبار”: مرت ثلاث سنوات على تعيين القاضي غسان عويدات مدعياً عاماً لدى محكمة التمييز. وقعت خلال هذه المدة حوادث خطيرة عدة، أهمها انفجار المرفأ في 4 آب 2020 وحجز أموال المودعين في المصارف وانهيار قيمة العملة الوطنية وارتفاع نسبة اللاجئين الى حدّ غير مسبوق، واستمر انتشار الفساد في القطاعين الخاص والعام. ونشهد اليوم ارتفاعاً في نسب بعض الجرائم وتكدّس الشكاوى والملفات القضائية واكتظاظ السجون، فيما قصور العدل خاوية بسبب اضراب معظم القضاة عن العمل.
يهزّ القاضي عويدات برأسه. يشعل سيجارة ويقول شاكياً: «كل مصائب الكون عندي».
سئل: ماذا تقول للناس الذين ينتظرون منك الحماية كونك مشرفاً على عمل كل النيابات العامة وانت من يراقب الضابطة العدلية اثناء قيامها بالتحقيق؟
يشرح عويدات ان الجسم القضائي «يُحمّل ما يفوق طاقته وامكانياته على تحمّله»، ويشكو غياب التخصص، معتبراً أن ذلك يشكل تحدياً أساسياً امام المحاكم. فوجود قضاة متخصصين في المجالات التقنية المختلفة يمكن ان يحل جزءاً كبيراً من المشكلة، اذ انه يتيح السير في التشكيلات القضائية على أساس الكفاءة العلمية والاختصاص التقني لا الانتماء الطائفي والمذهبي للعاملين في الجسم القضائي. ولا يعتقد عويدات ان معهد الدروس القضائية قادر على تخريج قضاة متخصصين. فمن يتخرج من المعهد «كمن يحصل على شهادة ليسانس ثانية في الحقوق مع بعض الثقافة القضائية واطلاع قانوني أوسع نتيجة خبرة المدرسين، ولا يشمل ذلك مساراً تخصصياً نحن في أمسّ الحاجة اليه في ظل التطوّر التقني للأساليب والحيل الجرمية».
سئل: ما هي نسبة القضاة المضربين عن العمل في النيابات العامة التمييزية؟ – معظمهم، ولكن بعضهم يحضرون الى قصر العدل احياناً للقيام ببعض الأمور الطارئة. اما القضاة في سائر الدوائر فالعدد الأكبر منهم لا يحضر ابداً، وفي بعض الحالات وجدت نفسي مضطراً لتخطي صلاحياتي لأسباب إنسانية. فقد راسلت المديرية العامة للأمن العام لإلغاء بعض قرارات منع السفر مثلاً بسبب اعتكاف قضاة محكمة التنفيذ عن العمل، لأسباب إنسانية تتعلق بحقوق الناس. ولكن لا يمكنني تجاوز سلطة غيري وهذا امر لا احبذه.
سئل: هل تعتقد ان التحقيق في انفجار 4 آب 2020 سيصل الى نتيجة؟
– هذا الانفجار الرهيب يتطلب عناية مركزة ومنطقية وعلمية حتى لا يفسر بطريقة خاطئة. ولهذا السبب لجأت للخبرة الفرنسية منذ البداية، وحضر الى المرفأ نفس المحققين الفرنسيين الذين حققوا في انفجار مماثل وقع في تولوز عام 2001. وتنحّيت لاحقاً عن هذا الملف لأسباب معروفة.
سئل: صحيح انك تنحّيت عن النظر بملف انفجار مرفأ بيروت ولا تريد ان تتناول الموضوع، لكن في ظل الخلافات بشأن تعيين قاض رديف ما هو موقفك؟
– أنا ضد فكرة تعيين قاض رديف للنظر في ملف انفجار 4 آب، ولا اعتقد انها تتناسب مع القانون، غير انني اتفهم الامر من الناحية الإنسانية إذ ان ترك اشخاص موقوفين لمدة غير محددة في ظل تعطيل القضاء مخالف للقانون وهو امر غير انساني. عملياً، وفي ظل الوضع القائم، هذا الامر يحتاج الى توافق