ماذا تعني “وحدة المعايير” التي يطرحها عون وباسيل..؟!

29 أكتوبر 2022
ماذا تعني “وحدة المعايير” التي يطرحها عون وباسيل..؟!
غسان ريفي

كلما اراد رئيس الجمهورية ميشال عون عرقلة تشكيل الحكومة بسبب عدم تلبية مطالب وشروط صهره جبران باسيل، يطرح مسألة “وحدة المعايير” التي لم يعد لها سوى تفسير واحد لدى الرجلين. 

“وحدة المعايير” لدى الرئيس عون تعني تلبية شروط باسيل الذي تعني بالنسبة له أيضا ان يسيطر على الحكومة فتكون له الكلمة الفصل فيها من خلال ثلث معطل او عبر التوافق على برنامجها مسبقا بما في ذلك المكاسب من التعيينات.

طُرحت “وحدة المعايير” للمرة الاولى بعد ثورة 17 تشرين عندما فرط عقد التسوية الرئاسية باستقالة الرئيس سعد الحريري، ومن ثم اعتذار الدكتور مصطفى اديب وإعادة تكليف الحريري، حيث اعلن باسيل عبر مصادره معادلته الشهيرة “إما انا والحريري داخل الحكومة او انا وإياه خارجها”، وبالتالي فإن كل طرح جاء مخالفا لهذه المعادلة تم رفضه بحجة عدم احترام “وحدة المعايير” التي اخترعتها الدوائر البرتقالية ما دفع الحريري الى اليأس والاعتذار.

اليوم عاد طرح “وحدة المعايير” الى الواجهة بعدما استعاده عون وباسيل على حد سواء، لمواجهة الرئيس نجيب ميقاتي الرافض للشروط التعجيزية التي يطرحها “صهر العهد” ويتبناها رئيس الجمهورية، حيث لا يخلو تصريح من فريقهما من دون التذكير بوحدة المعايير التي لا يعرف المتشدقون بها شرحها او إقناع احد من اللبنانيين بها، لكن مضمونها بات واضحا وهو تشكيل حكومة على قياس باسيل يكون له النفوذ المطلق فيها، لكي يستثمره في تعيينات وتصفية حسابات تبقيه على قيد الحياة السياسية وتدخله شريكا مضاربا في الحكم الى جانب رئيس الجمهورية الجديد.

يمكن القول، إن الرئيس عون خانته الذاكرة، خصوصا ان الرئيس ميقاتي قدم له تشكيلة حكومية في 29 حزيران الفائت تكاد تكون هي نفسها التي سبق واصدر مراسيمها في ايلول من العام 2021 واعتبر انها تراعي وحدة المعايير فضلا عن اشادته بها وبوزرائها، وتعبيره عن الاعتزاز بها وبالتعاون المثمر مع رئيسها.

واللافت ان الرئيس ميقاتي لم يجر على التشكيلة سوى تعديلات طفيفة جدا لا تمس بجوهر الحكومة بل تحترم التوازنات التي انتجتها الانتخابات النيابية ما يساعد على نيل الحكومة الثقة، وقد بادر ميقاتي الى التعاطي مع مطالب الرئيس عون بايجابية وصولا الى الطلب منه تسمية الوزراء الذين شملتهم التعديلات، وذلك لسحب كل ذرائع التعطيل التي قد يلجأ اليها عون وباسيل اللذين يتمسكان بوحدة المعايير بهدف ايصال “الرئيس البرتقالي” الى مبتغاه الحكومي.

في كل الاحوال، بات بحكم المؤكد أن الرئيس عون سيخرج من قصر بعبدا يوم غد الاحد من دون ان يسلم احدا كرسي الرئاسة، فيما سيتولى الدستور نقل الصلاحيات الى الحكومة التي ستقود بموجبه الشغور الرئاسي الى ان يصار الى انتخاب رئيس جديد وذلك بموافقة كل التيارات السياسية والمراجع الدينية، باستثناء التيار الوطني الحر ورئيسه باسيل الذي بات اسير “هستيريا”يهدد من خلالها بالفوضى والتوترات، في وقت يحتاج فيه لبنان الى التعاون لوقف الانهيار وانقاذ شعبه، وليس لصب الزيت على النار من اجل تحقيق مصالح ومكاسب باسيلية شخصية.

المصدر سفير الشمال