بدا موقف الرئيس ميشال عون مضعضعاً في إطلاقه حيناً التّهديدات بتوقيع مرسوم قبول استقالة حكومة تصريف الأعمال وطوراً بإيحائه أنّه لم يقرّر نهائيّاً بعد توقيع هذا المرسوم. وعكس ذلك استشعاراً بعدم جدوى هذه الخطوة بالإضافة إلى عدم استنادها إلى ركيزة دستوريّة إن لم نقل إنّها تشكّل خرقاً دستوريّاً إضافيّاً.
ووسط انعدام أيّ رهان على فرصة أخيرة لتعويم تعديل حكومي قبل نهاية اليوم الأخير من ولاية عون بادر هو بنفسه إلى القول أنّ مرسوم قبول استقالة الحكومة “هو قيد التّفكير لكنّني لم أنفّذه بعد .. وطالما أنا رئيس يمكنني تنفيذه، هذا إذا قرّرت تنفيذه”.وأشارت معلومات إلى أنّ دوائر القصر الجمهوري أنجزت إعداد مرسوم قبول استقالة الحكومة وسيوقّعه عون في اليوم الأخير من ولايته غداً الإثنين منعاً لأيّ ردّات فعل تعكر صفو الاحتفالات الشعبيّة بانتقال عون إلى الرّابية اليوم.
وردّت أوساط رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على تصريح عون حول أن “احتمال إصدار مرسوم قبول استقالة الحكومة لا يزال قائماً”، مشيرةً إلى أنّ “توقيع مرسوم قُبول استقالة الحكومة هو لزوم ما لا يلزم ويُعتبر كأنّه لم يكن ولا يُغيّر من الواقع شيئاً”، ودعت لمراجعة كلام للمرجع الدّستوري إدمون رزق بوصفه هذا الأمر “بالخيانة العُظمى”.
وتابعت أوساط ميقاتي أنّ “رئيس الحكومة أكّد مراراً وتكراراً أنّه لن يكون تصادميّاً ولا استفزازيا ولا يسعه إلّا أن يقوم بما أوكله إليه الدستور”.واستبعدت أوساط حكومية معنية أن تنجح أي محاولات جديدة للتشكيل، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، «الرئيس ميقاتي كان واضحاً، فإما يكون التشكيل وفق مقومات تجعل الحكومة منتجة وقادرة أن تتولى مهمة تصريف الأعمال، أو لن نقبل بحكومة بديلاً للبعض عن رئاسة ضائعة». وأضافت الأوساط: «نحن لا نخطط لتحدي واستفزاز أحد، لكن الدستور واضح، وإذا لم تشكل حكومة فإن الحكومة الحالية تتولى تصريف الأعمال، وكل ما يطرح خلاف ذلك يندرج بإطار جدلية عقيمة لن تؤدي إلى نتيجة. والحكومة ستبقى تقوم بواجباتها حتى يقرر المجلس النيابي القيام بواجبه بانتخاب رئيس»، مستهجنة «تصوير المشكلة بالحكومة علماً بأنها في انتخابات رئاسية كان يجب أن تحصل قبل انتهاء ولاية الرئيس عون».
وقال مصدر مطلع ل”الديار” مساء انه لا يبدو ان هناك املا في تاليف الحكومة، لافتا الى ان العملية تحتاج الى معجزة وان هناك شبه استحالة لحصول امر ايجابي في ما تبقى من وقت قبل انتهاء ولاية الرئيس غدا.واضاف المصدر ان المشكلة لم تعد تتعلق في سبل الاتفاق على الوزراء والاسماء في ضوء التصعيد الاخير بين عون وباسيل من جهة وميقاتي من جهة اخرى. وان صعوبات اضافية برزت تتمثل ببروز ازمة ثقة كبيرة لا سيما بعد الهجوم الذي شنه باسيل على رئيس حكومة تصريف الاعمال وعلى الرئيس بري.وذكرت معلومات ” الديار”من مصادر بعيدا امس ان دوائر القصر الجمهوري انجزت اعداد مرسوم قبول استقالة الحكومة، وسيوقعه الرئيس في اليوم الاخير من ولايته اي يوم غد الاثنين.وقالت مصادر سياسية ل”الديار” ان هذا الامر ربما يندرج في اطار الضغوط لتاليف الحكومة في اللحظة الاخيرة ، لكنها لم تستبعد قيام رئيس الجمهورية بهذه الخطوة في اطار التصعيد والمواجهة في المرحلة المقبلة.وكتبت” الراي الكويتية”: عكَسَ هدوء ميقاتي، الذي يتوجّه غداً إلى الجزائر لترؤس وفد لبنان الى القمة العربية، أن ملف الحكومة بات وراء الجميع وأن العيون لم تعُد ترصد إلا نهاية عهدٍ لم يعُد له من حلفاء سوى «حزب الله» الذي اعُتبر «تسليفه» باسيل، الذي التقى السيد حسن نصر الله قبل 4 أيام، ورقة مقاطعة وزيريْه أي اجتماع لحكومة تصريف الأعمال بـ «قبعة رئاسية» بمثابة «شيك بلا رصيد» وموقفٍ سياسي لا أكثر في ظلّ سحْب ميقاتي فتائل الصِدام الدستوري وإدارته مرحلة ما بعد الشغور بما يُراعي عدم الإفراط بالاستفادة من غطاء مسيحي توفّره أحزاب وازنة مثل «القوات اللبنانية» وآخرين يعتبرون أن وراثة حكومة تصريف الأعمال صلاحيات الرئاسة دستوريّ.وتتقاطع هذه العناصر لتجعل مرسوم قبول الاستقالة بمثابة «قنبلة صوتية» قد تجرّ البرلمان، بصفته المرجعية لتفسير الدستور، للإفتاء بلا دستورية خطوة عون وتالياً محض ميقاتي وحكومته «ثقة ثمينة» غير مباشرة.وقال عضو تكتل «لبنان القوي» النائب جورج عطالله، لـ«الشرق الأوسط»، رداً على إمكانية تشكيل حكومة في الساعات القليلة المقبلة، «نحن لا نزال ندعو الله لهداية بعض العقول، فالمسؤولية بنهاية المطاف تحتم على المسؤول أن يكون على مستواها، إلا إذا كانت النيات سيئة، وكان هناك، كما تشير معلوماتنا، مخطط لفوضى تحسن شروط التفاوض للبعض». وعما إذا كان هناك توجه عوني للتصعيد في الشارع، وإبقاء الخيم التي نصبت في باحة قصر بعبدا مكانها حتى بعد انتهاء ولاية الرئيس عون، قال عطالله: «انتظروا منا الكثير، فنحن لن نسمح بأن يذهب كل نضالنا وتعب 30 عاماً هباء من خلال تسليم حقوقنا التي استرددناها»، لافتاً إلى أنه «في عام 1990 كان العونيون وحدهم وكان كل العالم ضدهم، أما اليوم فالوضع مختلف ووزراء (حزب الله)، كما الوزراء المسيحيين ووزراء آخرين بينهم أمين سلام، لن يقبلوا بالمشاركة في اجتماعات حكومية مقبلة».وكان ميقاتي اكد امس “أنّنا مقبلون على مرحلة جديدة عنوانها الأبرز أنّنا لن نتحدّى أحداً ولن نقف بوجه أيّ أمر يخدم لبنان وأهله”. وخلال تفقّده أمس أعمال افتتاح معمل “أكوافينا” الجديد في منطقة الباروك قال: “فلتتوقّف المناكفات والتجاذبات رحمةً بالنّاس وبقطاعات الانتاج، لا سيّما أنّنا شهدنا في الصّيف الفائت حركة مهمّة وتدفّقات ماليّة مهمّة من اللبنانيين والسيّاح. ونحن ننتظر في الفترة المقبلة موسماً شتويّاً واعداً، وقد أبلغني أحد السّفراء العرب بالأمس أنّ هناك حجوزات مكتملة لمدّة خمسة عشر يوماً للسّفر إلى لبنان خلال عيديّ الميلاد ورأس السّنة، بمعدّل أربع أو خمس طائرات في اليوم. فلنتعالَ عن كلّ التجاذبات، ولتتكاتف الأيادي بعيداً عن الحسابات والفئويّات والعصبيّات، ولنتعاون لمعالجة الأوضاع الصّعبة وإعادة التّعافي إلى لبنان”.