يستمر “حزب الله” حتى اللحظات الاخيرة من عمر العهد في محاولاته لاقناع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بتقديم تنازلات حكومية تساهم في الاتفاق على تشكيلة مقبولة تمنع الوصول الى ازمة سياسية وفراغ دستوري كامل، اذ ان الحزب يرفض الذهاب الى الفوضى والفراغ ويرى فيهما خطرا على كل الانجازات الماضية.
وعلى عكس ما يسوّق، يبدو ان الحزب غير راضي عن اداء رئيس “التيار” جبران باسيل بالرغم من مراعاته له وعدم رغبته بأن يصبح معزولاً بعد العهد، لكن الحزب يجد ان الانتظام العام في السلطة التنفيذية امر بالغ الاهمية في ظل الازمة الحالية ويساهم في منع اي تفلت او فوضى امنية.وبحسب مصادر مطلعة فإن الحزب سيسعى، حتى لو لم تشكل الحكومة، الى البحث عن تسويات وصيغ تمكن حكومة تصريف الاعمال من العمل وحتى عقد الجلسات، خصوصا وان الفراغ الرئاسي قد يطول، وهذه مخاطرة كبرى في المجالات السياسية والاقتصادية وحتى الامنية.
يركز “حزب الله” في اولوياته، بعد اتمام ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، على الملف الداخلي اذ سيولي الامر اهمية كبرى تفوق كل الاهتمام الذي كان يعطيه للسياسة الداخلية في السابق, وهذا مرتبط برغبته بمواكبة التطورات التي طالت الساحتان الشعبية والسياسية في السنوات الماضية.يعلم الحزب جيداً ان الاهتمامات الشعبية باتت مختلفة عما كانت عليه في السنوات الماضية، لذلك فهو يعد لتغيير رؤيته السياسية اذ سيزيد من انخراطه ويولي الموضوع الاقتصادي والمالي اولوية كبيرة خصوصا ان هناك توجها دوليا واقليميا عاما لتثبيت الاستقرار في لبنان.كذلك سيعطي الحزب اهمية لتوحيد حلفائه وحل الخلافات القديمة التي تسيطر على علاقاتهم ببعضهم البعض وتحديدا التيار الوطني الحر وحركة امل، وهو امر كان قد اهمله في السنوات الماضية بشكل كبير لانشغاله بقضايا اخرى كانت اكثر إلحاحا بالنسبة له.
من هنا سيعمل الحزب على بدء مساعي جدية خلال المرحلة المقبلة في اطار استراتيجيته الجديدة بالتوازي مع الجهود التي يبذلها في المدى القريب من اجل منع حصول اي فوضى دستورية او فراغ كامل في المؤسسات، وهذا يعني انه سيحاول تهدئة حليفه العوني ومنعه من القيام بأي خطوات غير محسوبة، قبل نهاية العهد او بعده.فكل المسار الذي يسعى الحزب للسير به في المرحلة المقبلة قد يكون مهددا في حال نفذ رئيس التيار جبران باسيل ما يهدد به، لان الاحتقان عندها سيصل الى مستويات قياسية ولن تتمكن القوى السياسية من السيطرة عليه بسهولة.