بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحريّة الجنوبيّة في الناقورة بين الوفد اللبناني من جهة والإسرائيلي من جهة ثانية، كان لا بدّ للبنان من تعديل الحدود البحرية بينه وبين قبرص. طلب لبنان، فتجاوبت قبرص، وأرسلت وفدًا على وجه السرعة لبيروت، حيث بدأ التفاوض لتعديل النقطتين 1 و6، وقد تمّ التوصل إلى قواسم مشتركة، وفق ما أكّد وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية ، وذلك بعد لقائه الوفد القبرصي مكلّفًا من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقد أشار إلى معاودة الاتصال مجدّداً بالوفد القبرصي “وذلك بحلول منتصف الإسبوع ،كي يصار الى الإنتهاء من هذا الملف، وعلى كامل النقاط بين البلدين.”
لماذا يريد لبنان تعديل الحدود مع قبرص؟
القصة تعود إلى العام 2007، يوضح الخبير النفطي ربيع ياغي في حديث لـ “لبنان 24″، في حينه طلبت قبرص رسم الخط الوسطي بينها وبين لبنان، “فأرسل لبنان وفدًا لم يكن يمتلك الخبرة الكافيّة، هناك أخذ الوفد اللبناني بمشورة القبارصة، الذين أشاروا عليه بالتراجع من النقطة 23 الى النقطة 1 جنوبًا، ومن النقطة 7 الى النقطة 6 من ناحية الحدود الشماليّة البحريّة مع سوريا، بحجة خلق ممرّات مائيّة في الحدود البحرية للدول المجاورة. فتراجع بناءً على نصيحة القبارصة مرتكبًا خطأ جسيمًا، انسحب على الحدود الشمالية والجنوبية”.
أضاف ياغي “قد حصدنا نزاعًا نتيجة هذا الخطأ، خصوصًا أنّه لم يُعالج في حينه ، الأمر الذي عزّز النزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل جنوبًا، وكذلك الأمر بالنسبة لسوريا التي تمدّدت في البلوك رقم واحد المحاذي لحدودنا البحريّة الشماليّة. من هنا بدأت المشكلة، والتصويب يكون بإعادة ترسيم الخط الوسطي بين لبنان وقبرص، وهو ما يعمل عليه حاليًا لاسيّما بعد أن اعترفت قبرص بالخطأ، والعودة عنه تكون باعتماد النقطة 23 جنوبًا نقطة البداية، وهي التي تم ّتأكيدها في اتفاق الناقورة، وهي النقطة التي تفصل بين الحدود البحريّة للمناطق الإقتصاديّة الخالصة العائدة للبنان وقبرص وإسرائيل، وستعود قبرص إلى النقطة 23 خصوصًا أنّ النقطة واحد لم يعد لها وجود. أمّا النهاية فتكون بالنقطة 7 بدل 6”.
تدارك لبنان الرسمي الخطأ الذي حصل مع قبرص، فلم يُبرم الإتفاقيّة في أيّ من مؤسساته الدستورية، لكن قبرص تجاهلت ذلك واعتبرت الإتفاقية سارية المفعول وأودعتها الأمم المتحدة، وأبلغت إسرائيل بها، والأخيرة لم تتأخر في استغلال الثغرة، ووقّعت اتفاقيّة ترسيم الخط الوسطي مع قبرص، يوضح ياغي “لكن من حسن حظّنا أنّ سوريا لم توقّع مع قبرص، بالتالي عمليّة الترسيم أسهل من ناحية المنطقة البحريّة الشماليّة، المحاذية للمنطقة البحرية الخالصة لسوريا، والتي تضم البلوكين 1 و 2. من هنا أرى إمكانية التفاهم مع سوريا ليس بالصعوبة التي تُصوّر بها الأمور، وسيكون ذلك في مرحلة ثالثة بعد إنجاز المرحلة الثانية بتعديل الحدود مع قبرص”.