دخل لبنان رسميا امس في الأول من تشرين الثاني مرحلة الفراغ الرئاسي وسط مخاوف عارمة من ان يطول امده، فيما تعاني البلاد تداعيات كارثة اقتصادية ومالية واجتماعية يصعب للغاية معها تحمل ازمة فراغ طويلة ولو في ظل حكومة تصريف اعمال يرجح ان تستمر في عملها، ولكن في ظروف شديدة التعقيد.
وسط هذه الاجواء يطل رئيس الحكومة اليوم على منبر القمة العربية التي بدأت اعمالها امس في الجزائر موجها كلمة من القلب الى القادة العرب يدعوهم فيها الى دعم لبنان، بعدما التقى امس امير قطر والامين العام لجامعة الدول العربية والممثل الشخصي لامير البحرين،
وتواصل السجال السياسي حول تقييم عهد الرئيس ميشال عون في اليوم الأول للفراغ الرئاسي، ومثله السجال حول الملف الحكومي، ما يفتح الباب للمزيد من الفراغ أمام استعصاء التوصل بسهولة إلى التوافق اللازم لانتخاب رئيس للجمهورية، بينما بدا أن توافق الحد الأدنى على الوضع الحكومي قد تمّ تحت سقف تصريف الأعمال من دون الدعوة الى اجتماعات للحكومة إلا في حالات استثنائية يقررها التشاور الذي يترجم توافقاً بين مكونات الحكومة،
وكتبت” نداء الوطن”: من الجزائر، تحصّن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالمظلة العربية لتدعيم أواصر حكومته في مواجهة رياح الشغور، مؤكداً على هامش مشاركته في أعمال قمة الجزائر العربية عدم نيته دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد “ما لم يكن من موجب وطني أساسي وملحّ”، على أن يقوم بالتشاور المسبق مع مكونات الحكومة قبل اتخاذ أي قرار حيال “أي أمر طارئ”، مشيراً إلى أنه سيوجه في كلمته اليوم أمام القمة العربية “نداءً من القلب إلى الأخوة العرب لعدم ترك لبنان ومساعدته على تجاوز محنته”.بدوره، نبّه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال لقائه ميقاتي إلى محاذير إطالة أمد الشغور الرئاسي لأنّ ذلك “سيكون له تبعات سلبية على لبنان في ظل التحديات الراهنة التي تواجهه”، معرباً عن “دعم الجامعة العربية الكامل للدولة اللبنانية من أجل تجاوز هذه المرحلة الدقيقة”، ومشدداً في الوقت عينه على “أهمية اضطلاع الحكومة الحالية بالاصلاحات الضرورية المطلوبة، واضطلاع السياسيين اللبنانيين بمسؤوليتهم، وضرورة إعلاء المصلحة الوطنية فوق أية اعتبارات أخرى وصولا لتوافقات تفضي إلى انهاء الانسداد السياسي”.
ووفق معلومات «البناء» فإن حزب الله أبلغ ميقاتي بأن وزيريه لن يحضرا أي جلسة لمجلس الوزراء من دون توافق مسبق، وتمنّى عليه عدم الدعوة الى جلسات وضرورة التوصل الى صيغة لإدارة الدولة لا تتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية ولا تترك البلاد للفراغ الشامل من دون سلطة تدير شؤون البلاد والمواطنين.وأشارت أوساط في حركة أمل لـ«البناء» الى أن الحكومة الحالية تستطيع أن تقوم مقام رئاسة الجمهورية وإدارة البلد لتفادي الفراغ. وعلمت «البناء» أن وزراء أمل تبلّغوا بضرورة أن يمارسوا أعمالهم في تصريف الأعمال في وزاراتهم وحضور جلسات اللجان التي يدعو إليها ميقاتي وكذلك حضور جلسات مجلس الوزراء إن دُعي اليها.وكتبت” النهار”:ايذانا ببدء الشغور الرئاسي اتخذت الإجراءات اللوجستية امس في قصر بعبدا الذي استعاد المشاهد المتكررة امام انظار اللبنانيين لثلاث مرات بعد سريان اتفاق الطائف بحيث شغر من شاغل كرسي الرئاسة عقب ولايات الرؤساء اميل لحود وميشال سليمان وميشال عون من دون احتساب تجارب الشغور التي حصلت قبلها. ولعلّ البعد الأشد اثارة للمخاوف الذي بدا ماثلا امس تجلى في التساؤلات المتسارعة عما اذا كانت الأحوال التي آلت اليها خلال عهد الرئيس السابق ميشال عون، وبعدما انتهت ولايته الى فراغ رئاسي، ستشكل العامل الضاغط الكافي لتوقع تقصير امد الفراغ وكسر دوامة العقم الشكلي الفولكلوري الذي طبع الجلسات التي عقدها مجلس النواب خلال المهلة الدستورية وادت الى تكريس صورة تعطيل الانتخاب الرئاسي.في الايام الاخيرة ملأ المشهد الداخلي خروج الرئيس عون من الحكم وانكفاء معظم القوى الداخلية عن الساحة السياسية ترقبا لنهاية إجراءات نهاية العهد واستعدادا لما سيليه. وبدا من الترقب الثقيل الذي طبع المشهد في الساعات الأخيرة ان ثمة انتظارا لما ستحمله دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الحوار، وما اذا كان لا يزال ماضيا في هذا الاتجاه ام سيعزف عن توجيه الدعوة الى الحوار في ظل مواقف اما متحفظة واما رافضة للكتل المسيحية تحديدا. كما ان ثمة ترقبا لما ستنتهي اليه جلسة مجلس النواب الخميس المخصصة لتلاوة الرسالة التي وجهها الى المجلس الرئيس عون قبل يومين من نهاية ولايته في شأن الازمة الحكومية . وفهم ان الجلسة النيابية ستشهد مداخلات حيال المواقف من الرسالة كما من الوضع الحكومي في ظل رد للرئيس ميقاتي على الرسالة وأخيرا من موضوع الحوار وفي ظل المناخ الذي تبلوره هذه المداخلات يحدد بري ما اذا كان سيمضي في دعوته ام يصرف النظر عنها.ووسط هذا التريث الذي طبع الحركة الداخلية في الأيام الأخيرة، برزت غداة نهاية العهد العوني وتكريس بداية الفراغ الرئاسي، معالم تصاعد في المواقف الضاغطة الأوروبية والغربية لاستعجال انتخاب رئيس جديد في لبنان والحؤول دون ازمة فراغ مؤسساتي طويل الأمد. وتوقعت مصادر معنية وعلى صلة ببعثات ديبلوماسية عدة عبر “النهار” ان تكبر تباعا كرة ثلج المواقف الدولية والغربية والعربية خصوصا الضاغطة في شأن انتخاب رئيس جديد بما يعكس خشية دولية من ان يطول الفراغ في ظل المعطيات المتوافرة امام عواصم الدول المعنية برعاية الوضع في لبنان حول التعقيدات السياسية والنيابية التي منعت التزام تنفيذ الاستحقاق الرئاسي ضمن مواعيده الدستورية. وقالت ان الأجواء الدولية بما رشح عنها تكشف توجسا واسعا من القوى اللبنانية وانكشاف عجز بعضها او مصالح بعضها الاخر حيال التزام انتخاب رئيس جديد ولذا سيتكثف الضغط الخارجي تحت عنوان مسؤولية وتبعات القوى السياسية والنواب في منع انزلاق لبنان نحو متاهات فراغ طويل ستكون تداعياتها سلبية للغاية .