خلصت الجلسة النيابية، التي جوبهت باعتراضات نيابية لا يمكن تجاهلها، واقتناع الرئيس نبيه بري المسبق، بعدم جدواها من الناحية القانونية او العملية، قبل انعقادها، الى التأكيد «بمضي حكومة تصريف الاعمال قدماً بمهامها وفق الأصول الدستورية»، سندا للنص الدستوري في المادة 64.
وانتصرت الجلسة النيابية التي عقدت على نيّة رسالة الرئيس السابق ميشال عون لسحب التكليف من الرئيس نجيب ميقاتي للنص الدستوري وفقا للمادة 53 من الدستور، لعلة غياب النص الذي ينهض على نزع التكليف..
والتوصية استندت الى الحرص على الاستقرار في «مرحلة معقدة.. وخطيرة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً تستوجب اعطاء الأولوية لعمل المؤسسات».وكتبت” النهار”: لولا البعد الدستوري المتصل بضرورة “تثبيت المثبت” من جانب مجلس النواب للواقع الدستوري لحكومة تصريف الاعمال، لما كان من حاجة مطلقا لجلسة يعقدها المجلس لتلاوة رسالة الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون بعد ثلاثة أيام من خروجه من الحكم . ذلك ان هذه الجلسة “الاعتراضية” التي املتها الأصول الشكلية لا اكثر، تحولت في بعض وقائعها في الداخل والخارج، الى اثبات إضافي بان ملء الفراغ الرئاسي يتمادى على نمط الجلسات “المنبرية” التي تحولت معها الجلسات الانتخابية، كما التشريعية، الى منابر تلفزيونية مفتوحة لاطلاق المواقف في كل الاتجاهات من دون أي معالم جدية لكسر معادلة التعطيل الضمني الذي يتمثل بكتل “الورقة البيضاء” والتي صار من الواضح ان الاستحقاق الرئاسي مشلول ومعطل بسبب العجز المستعصي لدى هذه الكتل “الممانعة” عن حسم امر ترشيح سليمان فرنجية او جبران باسيل في مواجهة مرشح او اكثر لقوى المعارضة. وفي ظل دوامة الدوران في فراغ الجلسات الشكلية الانتخابية، رسم المشهد النيابي علامة قاتمة زائدة بعدما دخل لبنان قبل أيام حقبة الفراغ الرئاسي من دون أي معطيات مطمئنة الى قصر فترته فيما بدأت المواقف الدولية والغربية والعربية ترسم معالم الخشية من انزلاق إضافي خطير للبنان نحو متاهات الانهيار.
اما الجلسة النيابية البارحة فشكلت ما يعتبر درع تثبيت لشرعية استمرار حكومة تصريف الاعمال. وبدا واضحا ان ثمة تسليما واسعا بهذه الشرعية بما يحول دون اللعب على مسألة توظيف الفراغ الحكومي في واقع لا يحتمله لبنان. وبعد مناقشة مجلس النواب رسالة عون اليه، أصدر توصية استندت الى النص الدستوري حول أصول تكليف رئيس لتشكيل الحكومة وطريقة التشكيل وفق المادة 53 من الدستور وردت على طلب عون نزع التكليف من ميقاتي “باعتبارها أن أي موقف يطاول هذا التكليف وحدوده يتطلب تعديلاً دستورياً ولسنا بصدده اليوم وفي الصفحة الرابعة من رسالة فخامته يشير الى ذلك وحتى لا تطغى سلطة على أخرى، ولحرص المجلس على عدم الدخول في أزمات ميثاقية ودستورية جديدة، وحرصاً على الاستقرار في مرحلة معقدة وخطيرة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً تستوجب إعطاء الأولوية لعمل المؤسسات، يؤكد المجلس ضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلف للقيام به بمهامه كحكومة تصريف أعمال”.
وكتبت” نداء الوطن”: صدق من قال عنه “جنرال المعارك الخاسرة”، فهو كما بدأ مسيرته العسكرية والسياسية أبى إلا أن يختتم سيرته الرئاسية بهذه الصفة… بهذه الخلاصة اختصرت أوساط حكومية نتيجة “الرسالة” التي وجهها الرئيس السابق ميشال عون في نهاية عهده إلى المجلس النيابي فجاءت “ارتداداتها عكسية” عليه، بعدما خلصت رسالة عون نفسه إلى تحصين جبهة الرئيس نجيب ميقاتي الحكومية ومنحته “هديتين نيابيتين مجانيتين” أكدتا على دستورية “التكليف” و”التصريف” في قبضته.ومَن أبرع من رئيس المجلس النيابي نبيه بري في اقتناص “الهدايا المجانية” والتقاط الفرصة التي لمحتها “عين التينة”، ليسارع إلى تحويل وتحوير مسار “رصاصة العهد الأخيرة” لتكون بمثابة “رصاصة الرحمة” على عون وعهده، فرفع “مطرقته” تحت شعار “لبيّك” ميقاتي، وانتصر له “تكليفاً وتصريفاً” باسم المجلس والدستور، قبل أن يختتم الجلسة بموعظة “رئاسية” وعد من خلالها بعقد جلسة انتخاب أسبوعية بانتظار حلحلة العقد التوافقية بين المكونات والبلوكات النيابية… و”جميعكم يعرف أين هي العقدة”، في إشارة وضعها بعض المراقبين في خانة “التصويب على عقدة جبران باسيل الرئاسية التي تحول دون حصول اتفاق أو توافق على أي مرشح رئاسي، أقلّه بين صفوف “حزب الله” وحلفائه في قوى 8 آذار”.
وأشارت مصادر نيابية لـ»البناء» الى أن المجلس النيابي لم يخرج بتوصية ولا قرار بل بموقف من رسالة عون، أكد المؤكد الذي ينص عليه الدستور من ممارسة الحكومة المستقيلة صلاحياتها المحددة بالدستور في النطاق الضيق لتصريف الأعمال، وبالتالي على الوزراء تصريف الأعمال على رأس وزاراتهم لتسيير المرافق العامة، إذا لا يمكن ترك البلاد في الفراغ الشامل ولا بدّ من سلطة تستمر بإدارة البلاد بحدود معينة لضرورات مصلحة الدولة والمواطنين. أما انعقاد الحكومة فيكون بالحالات الاستثنائية وبتوافق مسبق بين مكونات الحكومة.ووصف مصدر نيابي آخر موقف المجلس بأنه «كمن فسّر الماء بالماء»، مشيراً لـ»البناء» الى أن مناقشة الرسالة لزوم ما لا يلزم طالما أن نهاية ولاية عون قد انتهت وسقط احتمال تأليف حكومة وسقط معها التكليف، وليست المرة الأولى التي تواجهنا حالة كهذه، وكل الحكومات السابقة صرفت الأعمال وفق ما ينص عليه الدستور ولم تحصل أي إشكالات دستورية أو سياسية. لكن هناك من أراد استغلال الجلسة لإثارة جدال دستوري عقيم لا جدوى منه سوى خلق أجواء احتقان طائفي لاستخدامه سلاحاً في معركة رئاسة الجمهورية.وقد لوحظ استنفار عدد من النواب السنة خلال الجلسة من مختلف الانتماءات استعداداً للرد على أي هجوم على ميقاتي وموقع رئاسة الحكومة، وقد تدخل النائبان جهاد الصمد وأحمد الخير لمنع مقاطعة نواب التيار الوطني الحر لميقاتي مرات عدة.في المقابل أبدت أوساط نيابية في التيار الوطني الحر عبر «البناء» خشيتها من استغلال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أي أحداث أمنية أو أي فوضى اقتصادية ومالية واجتماعية لدعوة الحكومة للانعقاد واتخاذ قرارات معينة، ما يشكل سابقة خطيرة بأن تقوم الحكومة المستقيلة مقام رئاسة الجمهورية وممارسة صلاحيات الرئيس في ظل الشغور الرئاسي الذي قد يطول. متهمة ميقاتي بأنه خطط للوصول الى هذا الوضع غير الصحي والذي سيؤسس الى إشكالات في المستقبل.
وكتبت” اللواء”: كانت الجلسة مفيدة للنائب جبران باسيل، الذي افرغ اثقال اخفاقاته، من تبني ترشيحه للرئاسة الاولى، او فرض اجندته على الرئيس المكلف، للاستثمار بحكومة له فيها الحصة الوازنة لجهة التعطيل او السير بقرارات، تتشابه مع تلك التي كانت تصدر في ايام العهد السابق بالايحاء الى فريقه بأنه منع السطو على ما يسميه صلاحيات الرئاسة»، وهذا لم يكن ببال احد، وحظي موقفه بدعم خجول من حزب الله، عبر الدعوة بالأخذ بالاعتبار المخاوف التي تطرحها شريحة كبيرة».وكتبت” الديار”: في «ملهاة» عبثية مثيرة «للسخرية»، انتهت جلسة تلاوة «رسالة» الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون، الى تثبيت شرعية حكومة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مع العلم انها لم تكن بحاجة الى جلسة او بيان او حتى لقاء، فالدستور واضح ولا يحتاج الى تفسير. واصى مجلس النواب بمضيّ حكومة تصريف الأعمال قدماً في مهامها وفق الأصول الدستورية على ألا تجتمع إلا بالحالات الاستثنائية «لحرص المجلس على عدم الدخول في أزمات ميثاقية ودستورية جديدة، وحرصاً على الاستقرار في مرحلة معقّدة وخطرة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً تستوجب إعطاء الأولوية لعمل المؤسسات». وذلك بعد تلاوة «لزوم ما لا يلزم» لرسالة رئيس الجمهوريّة السّابق بشأن استقالة الحكومة ومناقشتها. ووفقا لمصدر نيابي، فان ما صدر عن المجلس النيابي يعتبر ضربة معنوية» للرئيس الاسبق وتياره السياسي، فهو طالب بسحب التكليف من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة، وهذا لم يحصل لان سحب التكليف لا يحصل إلا إذا بادر إلى الاعتذار وبملء إرادته عن التكليف، وغير ذلك يحتاج الى تعديل الدستور بأكثرية ثلثي أعضاء البرلمان، ولهذا فانه يمكن القول ان «الرسالة» وكأنها لم تكن، لأنها في الاصل تشكل مخالفة مكشوفة للدستور.ووفقا لتلك المصادر، فان ادارة بري للجلسة وفحوى التوصية عطلتا مفاعيل المحاولات لافتعال صدام لا مبرر له مع السنة، من خلال اثارة المخاوف حول صلاحيات الرئاسة الاولى، فميقاتي لم يكن اصلا في نيته «الاعتداء» على صلاحية رئيس الجمهورية، وهو قدم تعهدات جدية لرئيس المجلس وغيره من القوى السياسية بعدم عقد جلسات غير ضرورية قد تشكل استفزازا لأحد. وكان بري رد قبيل مناقشة الرسالة، على مداخلات بعض النواب الذين أبدوا خشيتهم من أن يكون الهدف من هذه الرسالة «قد يثير نعرة طائفية»، فقال: «إن شاء الله النيات منيحة وسبق أن ناقشنا من قبل رسائل مماثلة وما صار شي».وأضاف متسائلاً: هل يعتقد أحد أنّني قد أدعو إلى أمر طائفي؟ وكتبت” الاخبار”: انتهت جلسة الهيئة العامة التي انعقدت أمس لتلاوة رسالة الرئيس السابق ميشال عون إلى مجلس النواب، إلى التأكيد على حصر صلاحيات حكومة نجيب ميقاتي بمهامها كحكومة تصريف أعمال بالمعنى الضيق، وهو ما اعتبر التيار الوطني الحر أنه يؤدي الغرض من الرسالة بضرورة اعتبار الحكومة مستقيلة. فالتخوّف العوني تمحور حول احتمال دعوة ميقاتي إلى عقد جلسات وزارية أو استخدام صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل عدم اجتماع الحكومة، أو القيام بتعديل وزاري بتعيين بدلاء عن الوزراء المقاطعين طبقاً لما سُرّب عن رئيس الحكومة. واستناداً إلى تدخل حزب الله لخفض سقف ميقاتي، بدا أن ثمة توافقاً سبق الجلسة، وانعكس على الأجواء داخلها. إذ التزمت كل الكتل النيابية وميقاتي نفسه بتفسير الدستور وفق رؤية واحدة لناحية قيام الحكومة بتصريف الأعمال فقط، وكذلك في ما يتعلق بعدم صلاحية المجلس النيابي بسحب تكليف رئيس الحكومة أو تحديد مهلة له.