بحضورٍ سياسيّ واسع وعريض، أقيمَ، اليوم السبت في قصر الأونيسكو – بيروت، المؤتمر الوطني في الذكرى الـ33 لإبرام “اتفاق الطائف” بدعوةٍ من السفير السعودي في لبنان وليد البخاري.
وخلال المؤتمر الذي استمرّ لنحو ساعةٍ ونصف، كان العنوان الأبرز هو التمسّك بالاتفاق التاريخيّ الذي أنهى الحرب الأهلية، في حين أن الدعوة التي أطلقت من قبل الكثير من المشاركين أساسها تطبيق اتفاق الطائف بجميع بنوده من أجل بناء الدولة المنشودة في لبنان.
وحضر المُؤتمر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، الدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي، رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، جوانا فرونتيسكا، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، الرئيس فؤاد السنيورة، الوزير السابق سليم جريصاتي، المطران بولس مطر، وحشد من السياسيين والمسؤولين والوزراء والنواب ورؤساء أحزاب وتيارات سياسية.
وقبل بدء المؤتمر، شدّد ميقاتي على أهميّة اتفاق الطائف باعتباره ركيزة أساسيّة لإنهاء الحرب الأهلية في لبنان قبل نحو 30 عاماً، مؤكداً أن المملكة العربية السعودية لم تترك لبنان وهي إلى جانبه.
وفي سلسلة تصريحات له، قال ميقاتي: “هذا اليوم رمزيته مهمة جداً والمؤتمر ينفي أن السعودية تركت لبنان، والحضور الكبير يشيرُ إلى تثبيت مضامين الطائف الذي لا يزال الاتفاق الأصلح لتطبيقه”. وأضاف: “نحرص في الحكومة على القيام بواجباتنا ولأن الدستور والقوانين تنصّ على القيام بتصريف الأعمال سنقوم بها واذا لم نقم بها سنُحاكم ولا اعتقد أن أي وزير سيتقاعس عن هذا الدور الوطنيّ”.
مداخلات
واستهل المؤتمر بالنشيدين الوطني اللبناني والسعودي، ثم جرى عرضٌ لفيلم وثائقي عن حقبة توقيع اتفاق الطائف ومساهمته في إنهاء الحرب الأهلية. وبعد ذلك، كانت مداخلة للسفير السعودي وليد البخاري الذي شدّد على أن “مؤتمر اتفاق الطائف يعكس اهتمام السعودية وقيادتها بالحفاظ على أمن لبنان ووحدته واستقراره والميثاق الوطني”.
وقال: “نعوّل على حكمة القادة اللبنانيين وتطلعات الشعب الذي يسعى للعيش باستقرار. نحن بأمس الحاجة الى تجسيد صيغة العيش المشترك والحفاظ على هوية لبنان وعروبته”.
وختم: “فرنسا أكدت لنا أنه لن يكون هناك أي نية أو طرح لتغيير اتفاق الطائف”.
بدوره، شدد الرئيس فؤاد السنيورة من “الأونيسكو” على أن “الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من التجربة تفيد بأن لبنان يقوم على قوة التوازن المستدام، الذي يحقق الاستقرار”.
وقال: “لا حل طائفيا أو فئويا، بل هناك حل واحد فلبنان يقوم بالجميع أو لا يقوم، ويكون للجميع أو لا يكون”.
وختم: “حسن النوايا هو المبدأ الذي يجب ان تبدأ به أي مبادرة أو حل، والأهم اليوم الوصول الى رئيس للجمهورية يؤمن باتفاق الطائف ويرعى العودة إليه ويسعى الى تثبيته والالتفات إلى الممارسة الصحيحة لتطبيقه”.
وفي مداخلة له خلال المؤتمر، قال رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط: “في بنود الطائف المتعدّدة، هناك بندٌ ينصّ على إنشاء مجلس الشيوخ الذي لم يُطبق حتى الآن. هذا المطلب ورَدَ في مذكّرة الهيئة العليا للطائفة الدزرية إلى الرئيس السابق أمين الجميل، لكننا اصطدمنا مع النظام السوري برفض قاطع لأن النظام لا يريد إعطاء الدروز في لبنان إمتيازاً إضافياً قد ينعكس على دروز سوريا”.
وختم بالقول: “المعركة الكبرى ليست الآن في صلاحيّات الرئاسة الواضحة دستورياً وسياسياً، بل إن المشكلة تتحدّد في إنتخاب الرئيس ولاحقاً تشكيل حكومة ذات مصداقية تطلق الإصلاحات المطلوبة للبدء بالانقاذ الاقتصادي والمالي”.
من جهته، اعتبر المطران بولس مطر من “الأونيسكو” أن “المسيحيين والمسلمين أمة واحدة في اتفاق الطائف، ونحن في لبنان أخوة بالوطنية والعروبة والإنسانية، فنرجو من اللبنانيينوضع خلافاتهم تحت سقف الأخوة وليس فوقها”.
ورأى أن “عودتنا إلى الطائف فرصة للبنان، فالنظام السياسي خاضع للتبديل ضمن حوار يجب ألا يتوقف”، مشددا على أن “الحوار واجب علينا بمحبة وأخوة”.
كذلك، أكدت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا أن “المنظمة الدولية حريصة على دعم اتفاق الطائف التاريخي الذي يجب تطبيقه بما يضمن استقرار لبنان”.
وفي مُداخلة لها، قالت فرونتسكا: “اتفاق الطائف وضع نظاماً سياسياً جديداً يلبي طموحات اللبنانيين من خلال تبنّي الإصلاحات وتنفيذها وتأسيس الانتماء الوطني”.
من جهته، أكّد النائب غسان حاصباني إن الدستور اللبناني صالح، لكن الخلل في تطبيقه بدأ من النوايا، وقال: “من المهم البقاء في جوّ الوفاق ونحن أمام فرصة مفصلية لتثبيت تطبيق الطائف وعلى البرلمان اتخاذ الخطوات المطلوبة لتطبيقه”.
وفي مُداخلة له، قال: “نحن اليوم أمام فرصة مفصلية لتطبيق اتفاق الطائف وليتخذ مجلس النواب القرارت الصحيحة لتطبيق الدستور”.
من جهته، قال النائب السابق بطرس حرب في مداخلة له إنه “من السهل اليوم انتقاد الطائف”، وقال: “في حقبة الحرب، ما عاشه لبنان لم يكن سهلاً أبداً، ولهذا جاء الطائف لإنهاء الاقتتال والالتزام به ضروري ويجب تطبيق بنوده بشكل أساسي”.
بدوره، وجّه النائب السابق طلال المرعبي “الشكر للسعودية التي ترعى اتفاق الطائف وترعى لبنان ومن دون مقابل”، مشيراً إلى أن “المملكة تسعى إلى فرض الاستقرار والحفاظ على السلم الأهلي”.
وقال: “لإنشاء مجلس شيوخ وإلغاء الطائفية السياسية لا العمل بالترويكا”.
إلى ذلك، قال الوزير السابق إدمون رزق في مداخلة له: “نشهد ان جوهر اتفاق الطائف هو شراكة حضارية في نظام حر فلا اكراه في الوطنية كما في الدين”.