خطة محلية ــ خارجية لعزل التيار الوطني

7 نوفمبر 2022
خطة محلية ــ خارجية لعزل التيار الوطني


كتب ابراهيم الامين في” الاخبار”: عملياً، لم تتوقف حملة الشيطنة ضد التيار وعون وباسيل، لكنها أخذت بعداً مختلفاً بعد الانتخابات النيابية، لأن ملايين الدولارات، والدعاية اليومية على مختلف الصعد، لم تدفع التيار إلى موقع الخاسر نيابياً. ورغم أن خصومه حصدوا أصواتاً ومقاعد أكثر في الوسط المسيحي، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لجعل التيار في عزلة تمنع عليه المشاركة في إدارة أي حكومة جديدة. لذلك، كان القرار بأن يكون الأداء في الأشهر الأخيرة من ولاية عون مشابهاً لما حصل مع العماد إميل لحود، لجهة عزله وترك الأمور بيد مجلس الوزراء. لكن الحكومة التي يتمثل فيها التيار الوطني، وفيها حليف قوي له هو حزب الله، لم يكن بالإمكان إدارتها بطريقة مختلفة. وجاء ملف ترسيم الحدود البحرية مع العدو ليظهر للأطراف الخارجية قبل الداخلية أن السير نحو تفاهمات قابلة للتنفيذ، إنما يتم من خلال دور مركزي للتيار الوطني الحر، ولباسيل شخصياً، ووصل الأمر بالأميركيين إلى إصدار قرار رئاسي بمنح الوسيط عاموس هوكشتين استثناء لعقد لقاءات مباشرة مع باسيل برغم إدراجه على لوائح العقوبات.

إذ إن اجتماعات باسيل – هوكشتين في لبنان والخليج وأوروبا كانت ضرورية لتسريع عقد التفاهم، وكان الأميركيون يعرفون أن باسيل هو رجل ثقة أول عند المقاومة بوصفها القادرة على تعطيل أي تفاهم يخص الصراع مع العدو.
 
الاستراتيجية الواضحة عند كل خصوم التيار وعون وباسيل كانت تقوم على فكرة أنه بعد خروج عون من القصر الجمهوري، ستكون هناك جولة جديدة من المواجهات معه. وثمة ترقب عند خصومه من اللبنانيين لعقوبات أميركية جديدة ضده وضد أفراد عائلته وضد قيادات في التيار الوطني الحر، إضافة إلى حملة إعلامية مستمرة تحاول تحميل عون المسؤولية عن الأزمات التي يواجهها لبنان، وصولاً إلى إبعاد التيار عن أي تأثير في معركة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وحتى دفعه إلى موقع يسهل إبعاده عن أي حكومة جديدة في المرحلة المقبلة، بالتالي فتح الباب أمام سياسة الإقصاء والانتقام حتى من الموظفين العامين المحسوبين على التيار. 

على أن معركة عزل التيار لم تعد ممكنة بالوسائل التي اعتمدت سابقاً. ما يجري اليوم هو المرحلة الأكثر خطورة، والتي تعكس حادثة «أم تي في» أحد أوجهها. لأن المقصود بما حصل، الانتقال من مرحلة تصنيف التيار كحزب فاشل مسؤول عن الفوضى والخراب، إلى حزب يسعى لتشكيل ميليشيات تشكل خطراً على الأمن الوطني. ويجري العمل، بقوة، لتوريط الجيش في هذه المهمة انطلاقاً من الخصومة القائمة اليوم بين التيار وبين قائد الجيش العماد جوزيف عون حول انتخابات رئاسة الجمهورية. وفي حال توسع العمل القمعي ضد التيار بحجج متنوعة، سنكون أمام عملية تطابق مع ما تعرض له التيار الوطني الحر عندما نفي العماد عون إلى باريس، وصار حزباً سرياً يتعرض ناشطوه للملاحقة والاعتقال والإقصاء.